أيّاً كانت الأسباب التي أوقف بسببها كابتن المنتخب الوطني والهلال هيثم مصطفى، إلا أن الحملة التي ظل يواجهها هذا النجم منذ مدة ليست بالقصيرة هي التي أوصلت الأوضاع إلى هذا المستوى..! الجميع غارقون الآن في تشريح الأعراض والتداعيات التي أدخلت أزمة هيثم إلى هذا النفق، لكنهم يتناسون أن البرنس ظل يعيش تحت ضغوط نفسية معلومة أنتجتها أزمات متلاحقة ومُضايقات معروفة ظلّ يَتَعَرّض لها اللاعب..! مجلس إدارة الهلال حاكم هيثم مصطفى قبل أن يخضع للتحقيق، وأخذ يمارس التشهير باللاعب وسلوكه في سياق تبريره للإيقاف بطريقة لم تستصحب الفكر المهني الذي تُدار به أندية كرة القدم في العالم.. إذا أخطأ هيثم فلنحاكمه أمام لجنة التحقيق لا على صفحات الصحف..! تاريخ هيثم في نادي الهلال لا يتناسب مع حملة التشهير التى تحركها بعض الدوائر هذه الأيام ب (غبينة وتشفٍ) لم يسعفها الإحساس بما قدّمه هذا اللاعب للنادي في مسيرة عطاء وسيمة استمرت (17) عاماً احتكر فيها البرنس امتياز صنع الأفراح الهلالية وناله في سبيل هذه المهمة ما ناله من سِهَامٍ طالت حتى أهل بيته قبل أن تحاصره بالهتافات المسيئة والألفاظ المستفزة..! الهلال بحاجة إلى حكيم يتدبّر أمر الأزمة بطريقة لا تفقدنا هيثم مصطفى لأنه اللاعب الذي يتقن صناعة النكهة والفرحة ويمتلك ناصية الإمتاع والإبداع الذي يشبه الهلال. بصراحة الهلال بدون هيثم (سمك .. لبن .. تمر هندي)، هذا اللاعب ظل ناظماً مركزياً للألعاب، وقلباً نابضاً يضخ النصر والعافية في الدماء الزرقاء، رأينا كيف كان الموج تائهاً في لقائه الأخير مع المريخ بلا هدي.. لن يستطيع كائن من كان أن يقنع مشجعي سيد البلد أن ال (11) الذين تلاعبوا باسم الهلال أمام المريخ كانوا أفضل من هيثم مصطفى..! لا تحدثوني عن ما فعله هيثم.. فالبرنس ليس كبيراً على المحاسبة، ولكن أبحثوا عن الأسباب الحقيقية التي أوقفت عطاءً ظلّ يتدفق بسلاسة لمدة (17) عاماً، لا تعالجوا الأعراض والالتهابات.. أبحثوا عن أصل الأشياء..! (المامبو السوداني)... (تصبين) الأغاني (بقلاصة أطفال اليومين ديل) فاجأتني صغيرتي حباب ذات الأعوام الغضة بقولها: (يا بابا ليه الفنانين ديل بيغنوا دعاية الصابون..؟! الفنانون كانوا مجموعة مبدعين يتغنون لسيد خليفة في برنامج رائع أنتجه الموسيقار أحمد المك يحتفي بأغنيات الرموز من أساطين فننا السوداني وبثته قناة النيل الأزرق.. الأغنية التي تم (تصبينها) كانت أحلى ما في حديقة أبو السيد.. إتخيّلوا (المامبو السوداني)، المنتج الأسمر الوحيد الذي يهتدي به العرب إلى ثقافتنا السودانية، يتحوّل في مخيلة النشء إلى (دعاية صابون)..! الطرفة ذائعة الصيت تقول إنّ أحد أبناء (الشهادة العربية) استمع إلى سلطان الطرب الخالد خضر بشير يتجلى كعادته في أغنية (الأوصفوك)، ففاجأ والده مثل ما فاجأتني حباب بقوله: يا بابا منو الراجل البيبوظ في أغنية محمود عبد العزيز ده؟! قدر من الضوابط ينبغي أن تتحلى به الجهات المعلنة وتلك التي تستقبل الإعلانات بحيث تراعي النصوص قداسة التراث السوداني وتحافظ على مقتنياته الخالدة بعيداً عن عبث الاستهلاك في الطحنية والصابون والبسكويت والمارتديلا. أسأل عن دور المصنفات الفنية في ما حدث من ترويض لألحان الأغنيات الخالدة في الإعلانات، وبالقدر الذي يتطاول على مقتنياتنا الثقافية الباذخة. أغنية (المامبو السوداني) مثّلت سفارة متحركة استطعنا أن نغزو بها العالم العربي ونثبت من خلالها قيمة فنية لبلدنا السودان، من المؤسف أن تعرف وسط أطفالنا بأنها (دعاية صابون) ليس إلاً... أصحى يا مصنفات وساعدينا يا قنوات..!!