للوهلة الأولى تبدو الفكرة نصف جادة، لكن لا بأس من طرحها.. ما الذي يمنع أن يلتقي ياسر عرمان والطيب مصطفى تحت سقف حواري بعيداً عن اتهامات العمالة أو العنصرية.. صحيح أنهما يقفان على طرفي نقيض، حيث يتخندق أحدهما في أقصى اليمين، والآخر أقصى اليسار ومن خندقيهما يتبادلان الهجوم في معركة مهما طالت، فلن تطوى في النهاية إلاّ بالحوار، والإلتقاء على قواسم وطنية مشتركة، فهل يمكن أن تأتي لحظة ما يلتقي فيها الرجلان، أو بالأحرى النقيضان، كما كانت رسائلهما تلتقي في صندوق الوارد بهاتفي القديم؟. عقب توقيع اتفاق (نافع - عقار) الإطاري، كان ياسر عرمان قد عاد إلى البلاد عبر صالة كبار الزوّار رغم اتهامه بالتحريض على إشعال الحريق في جنوب كردفان. وقتها أجرت معه (الرأي العام) حواراً مطولاً عن حصاده في الحركة الشعبية بعد أن قضى فيها (25) عاماً انتهت إلى عكس ما كان يشتهي بالانفصال. في ذلك الحوار، سُئِل عرمان عن إمكانية أن يلتقي مع منبر السلام العادل الذي يقوده الباشمهندس الطيب مصطفى، فقال إنه يمكن أن يلتقي مع منبر السلام العادل للحوار على كل القضايا المختلف عليها، وزاد: (أنا ليس لديّ عداء شخصي رغم كل الإساءات، لكنه ضد طريقة المنبر ورؤيته، وبإمكانهم أن يأتوا إلى مكاتبنا كي نتحاور). وعندما سألته عن إستعداده لمناظرتهما قال عرمان: (أنا على استعداد لحوار حقيقي لردم الهوة لكي يفهم الآخرون، هناك مواقف مسبقة، وهناك أناس لديهم مصالح ضيّقة، وهناك أناس لديهم سوء فهم لبعض القضايا، والحوار يجب أن يكون العملة الوحيدة التي تسود بيننا خاصةً وإننا مقبلون على مرحلة لم يجربها شمال السودان من قبل، وهو خرج من تجربة قاسية ويريد أن يؤسس لتجربة جديدة تحتاج للحوار، وأقول هذا ليس خوفاً أو رهبةً أو رغبةً بل لمصلحة المستقبل). وبالأمس فقط، تحدثت إلى الباشمهندس الطيب مصطفى عن سر عدائه مع عرمان الذي يشن عليه هجوماً عنيفاً في كل يوم؟، وإمكانية أن يأتي يوم يلتقيا فيه معاً عند منتصف الطريق، خاصةً وإن عرمان لا مانع لديه في ذلك الوقت على الأقل؟، فقال: (هنالك خلاف كبير جداً بيني وعرمان، فأنا أصنفه كعدو لديني ووطني وعميل لدولة أخرى مُعادية تحتل أرضنا وتستهدف ديننا، بينما يحمل عرمان مشروعها العدائي (مشروع السودان الجديد) ويعترف بعمالته لها). ووضع الطيب مصطفى شرطين للحوار واللقاء مع عرمان، وهما.. أولاً: أن يعلن توبته من العمالة - على حد قوله، وأن يعلن توبته من العلمانية ثانياً. وأضاف: (عندما يعلن عرمان عن توبته وخروجه من أحضان الدولة المعادية التي تحتل أرضنا يصبح علمانياً فقط وينتقل إلى مرحلة فاروق أبو عيسى الذي يحمل مشروعا علمانيا يسعى لاستئصال الإسلام من حياتنا، أما إذا تخلى عرمان عن علمانيته فيمكن جداً أن ألتقي معه في رحاب الوطن). على كُلٍّ، يبدو من إفادات الطيب أنه يريد من عرمان أن يتخلى عن علمانيته وعلاقته الخاصة مع الجنوب، ويتحول مثل أي ياسر آخر في السودان بلا مشروع سودان جديد، وهو الأمر الذي سيرفضه ياسر بالضرورة، مما يعني استمرار المعارك بينهما بضراوة.