المتابع للشأن العالمي يجد ان ميزان القوى العالمي بدأ يعود بعد ان بدأت امريكا تفقد السيطرة على كثير من الحكومات من حولها. الحرب بين روسيا و جورجيا وإستعمال روسيا القوة العسكرية ضد جورجيا يعطي مؤشرا أن اسطورة سيطرة القطب الواحد الذي تمتعت به امريكا منذ بداية التسعينيات قد انتهت او شارفت على الانتهاء. صحوة الروس هذه الايام ادهشت الناس واعادت الامل للكثيرين ... الكل يترقب إعادة التوازن العسكري والدبلوماسي للعالم مجددا وفي اقرب وقت ممكن. هذه الصحوة الروسية تثبت بما لا يدع مجالا للشك بأن الروس لا يمكن ترويضهم. عودة الروس المرتقبة مجددا للساحتين الدبلوماسية والعسكرية ستكون له ظلاله على كثير من القضايا الشائكة في المنطقة ... الملف النووي الايراني ... سوريا والسودان ايضا سيكون له نصيب منها ومشكلة اليوم "المحكمة الدولية " ... فعودة الروس للساحة بهذه القوة يعني ان الفيتو الروسي سيكون مشرعا دوما في وجه امريكا لحسم كثير من القضايا ولحسم سياسات القطب الواحد. امريكا تعلم ان التحالف الصيني الروسي هو الاخطر على سياساتها وخاصة ان الدولتين تربطهما علاقات آيديولوجية قديمة. كل هذه التكهنات يدعمها العجز الامريكي من الوقوف عسكرياً امام البرنامج النووي الايراني وكذلك فشل إدارة بوش في التعامل مع الملف النووي الكوري ... واخيرا لجوء ادارة بوش الى المحكمة الدولية في قضية دارفور وهي تعتبر طرقاً ملتوية واستغلالاً للمؤسسات الدولية "كالمحكمة الدولية" ... فهذا يوضح العجز الامريكي دبلوماسيا وعسكريا مما يشير الى انه لا توجد امريكا قوية كما هو ومتوقع. هناك انهيار في الاقتصاد الامريكي وهذا واضح من اعلان افلاس عدد من البنوك الامريكية ويتبعه قبل ايام افلاس شركات التأمين الكبرى في امريكا AIG) ) وقد ضربت الكثير من الاعاصير السواحل الامريكية مما يكلف مليارات الدولارات فهذا يوضح حالة الافلاس الاقتصادي والعسكري الامريكي. تجرؤ بعض الدويلات الصغيرة مثل بوليفيا وطردها للسفير الامريكي وتبعتها فنزويلا ... وكذلك الهزيمة الكبيرة لحليف امريكا القوي في آسيا " برويز مشرف" كل هذا يشير الى ان امريكا قد فقدت هيبتها ولم تعد الدولة التي يخشاها حتى الصغار مثل بوليفيا التي لا نسمع عنها إلاَّ في التصفيات التمهيدية لكأس العالم "كما قال احدهم".هذا يعكس حالة الضعف الدبلوماسي والعسكري الامريكي في هذه الايام مما ادى الى فقدان امريكا لهيبتها وكذلك فقدان حلفائها في مناطق متفرقة من العالم. هذا كله يحتم على امريكا ان تدخل في حالة بيات شتوي ربما استمر طويلا حتى تعيد اتزانها الاقتصادي والعسكري وربما الدبلوماسي ايضا. اللهجة الروسية والتهديد الروسي يوضح ان الروس قد قرأوا الساحة جيدا ... وعرفوا ان النمر الامريكي الآن يتضاءل ليصبح قطا وديعا . لذا روسيا تهدد امريكا بصورة واضحة وتصرح بأنها لن تتعامل مع بعض القضايا الدولية دبلوماسيا في اشارة واضحة بأنها ستستعمل القوة العسكرية اذا دعا الامر.. في نفس الوقت يواجه مثل هذا التصريح بصمت امريكي رهيب دون ان يحرك ساكنا. كل هذه المستجدات في الساحة السياسية الدولية ستلقي ظلالها على بعض القضايا في السودان وبالتحديد القضية الاسخن في الساحة إدعاءات أوكامبو. فمثل هذه الادعاءات لا يكتب لها النجاح الا اذا وجدت دعما وتبنتها دولة قوية كامريكا سابقا ... لكن يبدو ان النمر الامريكي قد فقد انيابه ولن يكون قادرا على الوقوف على رجليه مجددا.. وأبشر بطول سلامةٍ يا سوداننا.