أشهر تدخل رئاسي في الشأن الرياضي السوداني، عندما أعلن رئيس الجمهورية على الملأ ومن خلال بث مباشر لوسائل الإعلام مع الرياضيين سمعه القاصي والداني وتناقلته الصحف والوسائل الإعلامية الأخرى عن اختياره أو تقديمه لجمال الوالي رئيساً لنادي المريخ عبر التعيين المعروف، وجاء هذا التدخل بعد أزمة إدارية طاحنة، تم بعدها حل مجلس محمد الياس محجوب، وجاء على أنقاضه مجلس الوالي المذكور، ومازال ود الياس وعدد من إداريي المجلس في ذلك الوقت يؤكدون أن الحل لم يكن قانونياً وأن وراءه طبخة سياسية (ود الياس من المعارضة الإتحادية في ذلك الوقت) هندسها معارضون لمجلسهم ن عادوا هذه الأيام للأضواء من خلال مجلس الوالي الحالي. ووقع هذا التدخل الرئاسي برداً وسلاماً على أهل المريخ، ولم يجرؤ أحد منهم على رفض هذا التدخل الذي أعلنه الرئيس بنفسه، لم نسمع باعتراض من أحد، بل لم يخبرنا أحد عن قانونية هذا التدخل، لأن أزمة مجلس المريخ في ذلك الوقت كانت أزمة قانونية، بل لم يعترض أحد على التعيين الذي أصاب ديمقراطية وأهلية الحركة الرياضية في مقتلٍ، وفتح الباب من جديد للحزب الحاكم لتصدير كوادره للوسط الرياضي، هذا التصدير الذي فتحت معه أبواب الدعم الحكومي على مصراعيها لنادي المريخ وحدث ما حدث فيه من نقلة اقتصادية، طالت أشياءً كثيرة داخل النادي الكبير. ولم يتوقف التدخل الحكومي عند المريخ، بل وصل الهلال أيضاً من خلال التعيينات الذي حدثت لعدد من المجالس، منها مجلس عبد الرحمن سر الختم وآخرها مجلس يوسف محمد يوسف، ذكرت هنا التدخل الحكومي لأن دور الرئاسة المباشر ليس واضحاً، ربما لأن التعيينات كانت قانونية بعد حدوث فراغ إداري، وإن لم تلتزم بالفترة القانونية (60) يوماً للمجلس المعيّن واستمر بعضها لأكثر من عام، ووجدت هذه المجالس دعماً مالياً حكومياً مقدراً. وتواصل التدخل الرئاسي حتى في الصراعات الإدارية بين الناديين الكبيرين وآخرها الأزمة بين البرير وجمال الوالي، وتدخلت الرئاسة عن طريق مدير مكتب الرئيس وجمعت بين الوالي والبرير في صلاة الصبح بأحد مساجد الخرطوم. لذا لم أتفاجأ عندما علمت بالتدخل الرئاسي في قضية اللاعب هيثم مصطفى مع ناديه، وفي تقديري أنّ كل هذه القضايا من تعيين جمال الوالي، وحتى مشكلة اللاعب هيثم، هي أزمات رياضية، يجب أن يكون حلها من داخل الوسط الرياضي، وهذا ما أذكره دوماً أن تداخل السياسة مع الرياضة أفقدها استقلاليتها، وأصبح التدخل السياسي واضحاً حتى في انتخابات الإتحادات والأندية. فيما يخص قضية اللاعب هيثم مصطفى، لا أعتقد أن هذا التدخل قد حل الأزمة أو طويت الصفحة، وهي في تقديري مازالت تراوح مكانها، لأن اللاعب لم يقابل اللجنة، فلا يكفي الإعتذار لرئيس النادي، كما أنّ المبادرة ساوت المبادرة بين اللاعب ومجلس الإدارة. وهذا الأمر لا يحدث في أي مكان في العالم. برغم الأخطاء التي ارتكبها مجلس الإدارة في إدارته للأزمة والأخطاء التي وقع فيها اللاعب، إلاّ أنّ مصلحة الرياضة كانت تقتضي المعالجة من داخل النادي باستقلالية كاملة، وليس عيباً أن تتطوّر إلى ما وصلت إليه، فقد كنا نحتاج إلى معالجات جذرية ليعرف كل من أطراف الأزمة حدود حركته، وما له وما عليه مهما كانت النتائج التي ستنتهي إليها سلباً وإيجاباً. وإلا فإن السياسة ستظل طرفاً أصيلاً في الأزمات الرياضية بالتدخل المباشر وغير المباشر وهذا ضد استقلالية الرياضة.