صورتها المنشورة أمس في صفحة إعلانية كاملة، إلى جانب صورة الأستاذ معتصم ميرغني زاكي الدين والي ولاية شمال كردفان، تثير الإستغراب والغضب في آنٍ واحدٍ. ليس لأنها وضعتها إلى جانب الوالي أو حتى لإمساكها بهاتف جيد الصنع لأغراض التصوير، وإنما لأن الدكتورة سلمى الطاهر النور وزيرة الشؤون الاجتماعية بالولاية قد قامت بتهنئة واليها بسلامة العودة وأسهبت في التعبير عن فرحتها بعودته عبر إعلان بملايين الجنيهات في صحف الخرطوم أمس، رغم أن الولاية تعج بالفقراء والمساكين الذين أوقعهم حَظهم العَاثر في دائرة إختصاصها، ومن المؤكد أنهم أولى بهذه المبالغ من الوالي. إعلان الوزيرة أو الوزارة كان مستفزاً للغاية من جهة أن الولاية والحكومة على مستوى المركز تعيش أوضاعاً اقتصادية بالغة الصعوبة وأملت عليها اتخاذ إجراءات تقشفية شكا من وطأتها الجميع، ما يعني أن مثل هذا الصرف على الإعلان غير الذكي أولى بالإيقاف وتحويل قيمته المادية الكبيرة للمحتاجين في شمال كردفان الذين يطرقون أبواب الزكاة بالأبيض، وهم لا يدرون أنّ الأموال تدفع من أجل المجاملات (الفارغة) في صحف الخرطوم. لقد أخطأت السيدة الوزيرة وأنت تسخرين صفحة كاملة لتهنئة الوالي بسلامة العودة، ومعك المدير العام والعاملون بالوزارة الذين تَمنّوا في صفحة الأمس إدامة نعمة العافية والأفراح على السيد الوالي، بعد أن هنأوه بالشفاء التام وموفور الصحة والعافية حسب لغة الصفحة مدفوعة القيمة. الوالي زاكي الدين الذي شفاه الله وعافاه بعد رحلة إستشفاء ناجحة رجل من معدن خاص وكريم، ويستحق التهنئة بسلامة العودة من عامة الناس ومرؤوسيه بالطبع، ولكن في حدود المعقول والممكن والإمكانات المتاحة، فقد كان بإمكان الوزارة أن تبعث برسالة (sms) لتهنئته بسلامة العودة أو تذهب إليه في منزله ومعها أركان وزارتها ليُعبِّروا عن الفرحة بشفائه أو عبر أيّة وسيلة اتصال أخرى توصل مشاعر التضامن الجميلة من غير أن تكلف خزينة الولاية والوزارة الفارغة أصلاً المزيد من أموال دافعي الضرائب.. هذا بالطبع إذا كان قيمة الإعلان قد دُفِعت من خزنة الوزارة التي تعاني في الأساس من ضُعفٍ في التمويل، أما إن تم سداد قيمة الإعلان (شيرنق) وتقاسم دفعه الوزيرة ومرؤوسوها فإن الوالي ليس بحاجة إلى كل ذلك، وأظن أنّ مثل هذا المسلك غير الموفق يغضبه أكثر مما يسعده، فمن قبل هنأه الرئيس البشير ونائباه ود. نافع بسلامة العودة فهل يحتاج بعد كل ذلك لأموال يتم صرفها دونما ضرورة بينما الناس هناك في أشد الحاجة إليها؟!. من الآخر، لقد أخطأت أيتها السيدة الوزيرة بتسخير ملايين الجنيهات لإعلان قد يوفر حيثيات لاتهام وزارتكم بالسعى لتغطية قصور محتمل أكثر من تعبيره عن فرحة بسلامة الوالي، وإلاّ لبادر وزراء ووزارات وجهات أخرى أكثر ثراءً منكم بنشر مثل هذه الصفحات الإعلانية، فجلوسك على كرسي وزارة الشؤون الاجتماعية المعنية بأضعف الشرائح في شمال كردفان، يحتم عليكِ أن تكوني على درجة عالية من الحساسية إزاء كل ما من شأنه أن يجرح خاطر البسطاء أو يهدر مالاً هُم أولى به، حتى وإن كان مردود ذلك هو رضاء السيد الوالي شخصياً.