المصفوفات كانت نظرية فى حل مسائل الرياضيات الحديثة ... ثمّ صارت تكنيكا فى حل المسائل السياسة العالقة ... فالمصفوفة مخرج لنيفاشا ... كما انّها مقدّمة وتكنيك تكون بها ابوجا واقعا سياسيّا منتعشا ومنعشا ! قضيّة الجنوب رغم طولها الزمنى لم تحمل تعقيدات قضيّة دارفور رغم قصر إطارها الزمنى ... فى قضية الجنوب كانت حركة التمرّد الأولى هى الممثل (الشرعى) لشعب الجنوب فى اديس ابابا وكذلك حركة التمرد الثانية فى نيفاشا ... وهو ما لا يتاح لمشكلة دارفور ... فلا يمكن أن تدّعى أىّ من الحركات أو الميدانيّين أنّها الممثل الشرعى لشعب دارفور ... فقد كشفت الأيام أنّ لقضية دارفور رؤوس ست : الحركات والميدانيين وجمهور المعسكرات والنخبة الدارفورية غير المسلّحة وشعب دارفور فى الولايات الثلاث ... ودارفوريو المؤتمر الوطنى ! القيمة السياسية لزيارة نائب الرئيس الى الفاشر والقائه السلام على اركو مناوى والرد عليه بمثلها من (منّى) بمثابة صدمة كهربائية ... فما بين نهار يوم ومسائه استطاعت الزيارة تحويل مساعد رئيس الجمهورية المعكتف اعتكافا غير رمضانى إلى معتكف لرمضان ... ومن مدبر إلى مقبل ... ومن زاهد فى المشاركة الى راغب فى إعادة انتاجها ! لكن المصفوفة وتفاصيلها تظهر اركو مناوى كأنّه الممثل الشرعى الوحيد لشعب دارفور ... فقد أعطته المصفوفة دمج اتفاقية ابوجا فى الدستور وملء الوظائف الدستورية الشاغرة وإجراء تعديلات فى الوزارات والمفوضيّات وتعيين سبعين من حركته فى الوظائف العليا ... ومليونى دولار عدّا ونقدا ! المصفوفة لم تترك لعبد الواحد غير نازحى المعسكرات وتعويضاتهم ... ولم تترك للطامحين أو الطامعين الآخرين غير منصب النائب الثالث لرئيس الجمهورية لتفاوض عليه فى ليلة القدر السياسى حتى مطلع الفجر ! اتفاق المصفوفة بين النظرية والتطبيق أعطى حركة واحدة معظم عناوين مطالب الحركات الأخرى ... وعلى الآخرين والقادة الميدانيين وجمهور المعسكرات ودارفوريى المؤتمر الوطنى البحث عن إبرة مطالب مستحدثة وسط كثبان دارفور الرملية ... فهذا كل ما بوسع مصفوفة السياسة ... ولم يبق أمام الآخرين غير مصفوفة الرياضيات!!