الحكومة تبادر باستحياء دعوتها للمعارضة ( المتهالكة ) لصياغة دستور دائم للبلاد بينما ترفض المعارضة بعبارات مهترئة قديمة كالسيد فاروق ابو عيسى الذي مثل المعارضة في فترات متفاوتة وأزمان مختلفة الا ان الرابط بينهما كلمة( لا ) فاتسقت الكيمياء مع شكل المعارضة . الحكومة في السودان منتخبة شاءت المعارضة ام ابت لانها عند بداية الاستحقاق الانتخابي في ابريل 2010م هرولت نحوه وامتطت صهوة الاعلام الحكومي الذي منح بموجب قانون الانتخابات ان عرض الاحزاب لبرامجها وصب نيران غضبها وكيل ما شاءت من نقد لاذع على الحكومة ثم فجأة وحتى قبل يوم من الاقتراع انسحبت من السباق بعلل خجولة متفاوتة ولكن ما استقر عليه الناس في ذلك الوقت ان غالبية الاحزاب لم تكن جاهزة نفسياً للتمرين الديمقراطي ... فلياقتها ضعيفة جداً ... واستعدادها التنظيمي والمالي هزيل للغاية ... برغم ما اثارته بعد الفوز المستحق للمؤتمر الوطني الذي برأته العديد من منظمات المجتمع وبعض المراكز الدولية المعنية ووصفتها بالنزاهة الا ان المعارضة وبعد مقاطعتها الانتخابات في آخر يوم نعتتها بالتزوير ... هذه الانتخابات والاحداث الدستورية التي اعقبتها مسائل سياسية مهمة ... أنشأت وضعاً جديداً ... به انفصّل السودان وصارت الاوضاع بشكل مختلف جداً الآن تمارس المعارضة ذات السيناريو في رفض الدعوة وإعداد دستور دائم للبلاد بينما الحكومة تردد ذات الاقوال عن المعارضة في مثل هذه المواقف ... في اعتقادي ان هذا جمود سياسي غير مبرر ما دام المبادرة جاءت من الحكومة فقدرها ان تتحمل اذى المعارضة ومكايداتها المملة حتى تحدث اختراقاً لصالح المجموع الوطني المسؤول عنه بالقانون وأمام الله !!! هناك دستوران لا غبار عليهما ... دستور 1998م الذي يعتقد البعض ان فيه روحا ومقصدا ورؤى اسلامية خالصة .. أما الآخر فدستور 2005م الذي يرى البعض انه يعبر عن اشواق الليبراليين فاذا حدثت ( خلطة ) بين الاثنين من قانونيين محترفين واهل السياسة ومنظمات المجتمع يمكن ان يخرج دستور يعبر عن تطلعات السودانيين في الحرية والكرامة و مدنية الدولة التي تفصّل كياناتها الثلاثة بالقانون دون تغول لسلطة على الأخرى . ما يهم المواطن حقيقة من الدستور ان يحقق له كرامة في بلده ويحسسه بأنه حر ومحترم واصيل ... لا مواطن من الدرجة الثانية بسبب اللون او العرق او الدين ... غالباً هذه القضايا تجدها واضحة في القوانين ولكنها ضعيفة على مستوى الممارسة الاجتماعية التي تزخر بالمفاهيم الخاطئة التي تحتاج الى ثورة تطيح بتلك الرؤية الظلامية ، وعليه يجب ان تسهم كل الشرائح الحيّة في المجتمع من مؤسسات وجمعيات ومنظمات تقليدية وحديثة ... على ان يتقدم الاعلام بأنواعه كافة حركة التغيير نحو معرفة الحقوق وإدراك الواجبات في آن واحد . الحكومة مطالبة في هذه القضايا بفعل أكبر من الدعوة التي يعتبرها البعض عارضة او رفعاً للعتب ... كما ان المعارضة ايضاً مطالبة بفعل ايجابي اكثر من الانسحاب ( الهزيل ) والانسحاب ( التكتيكي ) من العمل الحيّ الوطني وفقاً لمقتضيات المرحلة فأقرب الحلول الممانعة اللفظية ولكن المشاركة التي لا تعني الاعتراف بأخطاء الحكومة كما يظنون هي بمثابة الجهاد الاكبر للمعارضة فشرعية الحكومة قد اخذت منذ زمن بعيد .... وهذه المشاكسة تدل على معارضة طفولية لا تعي المخاطر التي تحيط بالسودان . الدستور لا يحتاج لمعركة كسر العظم بين الحكومة والمعارضة وتكاد المواد التي قد تثير اختلافاً لا تتعدى اصابع اليد الواحدة لكن المطلوب تفاعل حقيقي يتجاوز الصغائر لأجل اتمام المشاريع الحيوية .... فالمواطنة واضحة في مواد الدستور الا انها تحتاج (لي توم و شمار ) اجتماعي أكثر وهذه قصة أخرى !!!!