بعد أن طالها الإهمال والخراب والنسيان خلال العقود الماضية ، يبدو أن الحكومة هذه الأيام تعيد النظر في أوضاع السكة الحديد لإصلاحها وتحاول إعادتها سيرتها الأولى.. ولكن «بعد أيه»؟.. بعد كل الذي حدث من تدمير للبنية التحتية وتشريد لأفضل العاملين والمتخصصين في شئون السكة الحديد الذي كان السودان حتى وقت قريب يتميز بهم على كل الدول الأفريقية والعربية.. اهتمام الدولة الظاهري بالسكة الحديد ورد من أعلى مستوياتها.. فقد وجه النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى اعتماد خطة تأهيل السكة الحديد في موازنة العام القادم.. كيف ، والموازنة العامة للدولة تعاني من عجز ضخم ؟ الأستاذ علي عثمان كان يخاطب يوم الأربعاء حفل تدشين خمسة وابورات جديدة في الخرطوم بحري.. وهل يمكن أن نقول إن الدولة اعترفت أخيرا، ً وأرجو أن لا يكون متأخراً جداً( To late) أن لا بديل للسكة الحديد غير السكة الحديد كما أعلن النائب الأول الذي أكد رعاية رئاسة الجمهورية للسكة الحديد؟ اهتمام الدولة بهذا المرفق الاقتصادي المهم يتوالى بإعلان وزير النقل د .بابكر نهار أن وزارته تسعى لتحديث أسطولها الساحب ومواعينها الناقلة وخطوطها وشبكات اتصالاتها .. كما أعلن الوزير أن خطة وزارته الرئيسة هي بناء وإعادة إعمار هذا المرفق حتى يقوم بدوره الريادي في قيادة وسائل النقل الأكثر أماناً وتكلفة.. مدير هيئة السكة الحديد المهندس مكاوي محمد عوض قال في الحفل إن تكلفة الوابورات بلغت (6800) دولار وهي من ضمن مشروعات الهيئة لدعم القوة الساحبة والناقلة. وأضاف أن الهيئة عقدت اتفاقاً لصيانة (19(وابوراً إضافة لتأهيل عدد من الخطوط.. ومن ناحية أخرى فقد لجأت ولاية الخرطوم للسكة الحديد لتخفيف حدة أزمة المواصلات في العاصمة المثلثة.. فقد وقعت الولاية مع هيئة السكة الحديد اتفاقاً يقضي بتوظيف السكة الحديد وسير خطوطها داخل الولاية، وإحياء مشروع الترام والقاطرات الخفيفة التي تخطط الولاية لإدخالها لوسائل نقل كبيرة.. وحسب تقرير نشر في صحيفة «الإنتباهة» يوم الخميس الفائت فإن المراقبين شككوا في جدوى هذا الحل في ظل الأوضاع التي تعيشها السكة الحديد بعد فشل الدولة في إعادتها سيرتها الأولى .. فالسكة الحديد تعاني منذ السبعينيات من تهالك البنى التحتية من قضبان ووابورات وعربات ومن تدهور الورش.. على كل فإن المواطنين يأملون أن تكون الحكومة جادة في اهتمامها بالسكة الحديد، وأن لا يكون حديثها المتكرر مجرد «كلام ساكت» لامتصاص تذمر المواطنين من الحالة المزرية التي تعيشها أهم وأرخص المواصلات ليس في بلادنا وحسب، ولكن في كل الأقطار الأخرى التي اعتمدت على السكة الحديد في تطوير اقتصادياتها..