بين احاديث تدور والمركبة (حافلة موديل 1980) تسير ببطء تلتقط الركاب ، هنالك من يلعن الازدحام ومن يتحدث عن الاضحية وامور البيت والسياسة وغلاء الاسعار والحج بينما كنت ابحث مقارنة بين احاديث اعوام مضت واليوم.. فقد كانت عن قطوعات الكهرباء والنظافة والجبايات وفي السياسة وعن رغيف الوالي الذي وعد بإغراق الخرطوم بمليون رغيفة وفراخ المتعافي حينما كان مرض الفراخ قد عم البلد ولكن تلك الوليمة الضاربة وصوره التي ملأت الصحف آنذاك اعادت للفراخ هيبته في الموائد الى ان تعزز وارتفع سعره والبنت تجلس خلف مقعدي ويرن الهاتف وبهدوء معه توتر(لا يمة جدول الامتحانات ينتهي منتصف الاسبوع المقبل وامس فلان داك بايخ ومزعج ، دا خلاني اذهب بعد ان اتصلت بوالدي الى صديقتي فلانة وبعدين كلمت خالتي وقلت ليها وده البتعرسو منو وناس فلان اجبروا ولدهم على الحج وقال ليهم الحج التزام وانا لسع صغير). والحافلة تسير في الشارع.. يلح السؤال اسرار متبادلة بين البنت وامها عبر الموبايل وآخر ايهما اصدق في اعطاء السر البنت لامها ام الام لابنتها رغم ان الام بيدها الامور ربما الامر صحفيا يتحول الى موضوع وأسأل واتجول بين بنات وامهات وبنين بعد ان ينهي سائق الحافلة الرحلة التي انتهت بمعركة كلامية مع احد الركاب فقد كانت آلة التسجيل تبث احدى الاغنيات الهابطة(لابس بنطلون.....) الراكب وصفه بالمزعج وبغير المثقف و(الشماشي) ...اما السائق فرد عليه (خلي ثقافتك توصلك الدخينات). تقول الحاجة زينب: هي ثقة تزرعها الام في البنت فتبوح لها ولكن الام يمكن ان يكون سرها عند صديقتها وليس بنتها خاصة ان الامهات او بعضهن يرين ان البنت تميل الى والدها ويمكن ان تفشي له بأي سر.. اما رقية احمد فقالت: نعترف ان النساء لا يحتفظن بالاسرار فاحيانا تكون البنت ضمانا لعدم افشاء السر واحيانا ذكاء الام لكي لا تخبئ ابنتها شيئا عليها تعقد معها صداقة فتجد البنت تودع اسرارها عند امها حتى الخاص منها.. وبذلك تكون الثقة المتبادلة بين الاثنتين وهو ما هو كائن بيني وبناتي الثلاث. احسان علي هاجمت البنات اللائي يتحدثن في المركبات العامة عبر الموبايل ويفضحن اسرار البيوت والاهل وتمنت لو منعت اي ام ابنتها من حمل الموبايل او توصيها ان يكون صامتا طوال مدة وجودها في المواصلات.. وترى زليخة مصطفى انها ظاهرة الحديث بالموبايلات في المواصلات العامة وهو تصرف سيئ.. ولكنها تجد ان تبادل الاسرار بين الام وابنتها مسألة جميلة خاصة ان الامهات اصبحن متعلمات وواعيات بما يدور حولهن وفي المجتمع وما حدث من تطور ووعي بين البنات انفسهن. عدد ممن التقينا بهم من الشباب اشاروا الى اهمية الثقة المتبادلة بين البنت وامها لانها ضمان للمحافظة عليها وان اشار البعض الى عدم رضاه عن سلوك البعض منهن بالحديث بالصوت العالي عبر الموبايل خاصة تلك الاحاديث التي بها اسرار البيوت ومشاكلها. وقال عثمان علي: بالرغم من ان التكنولوجيا لها ايجابيات ولكن بعض سلبياتها مدمرة ان لم تجد الشخص الواعي في استخدامها.. فالموبايل ليس مظهريا ولكن للضرورة حتى عندما سمحت الاسرة للبنت بحمله كان ذلك في المقام الاول ثقة بها وللاطمئنان عليها وربطها بالاسرة خلال وجودها خارج البيت فيجب على البنات ان يكن قدر هذه الثقة.