رغم انتمائها لمنطقة جبال النوبة، لكن ما يضعف أية تأثيرات محتملة لحديث د. عفاف تاور هو قناعة البعض بأن حديثها عن الأوضاع بجنوب كردفان لا ينطلق لوجه الإصلاح أو النقد السياسي البنّاء، وإنما لمنطلقات غيظ شخصي على مولانا أحمد هارون والي ولاية جنوب كردفان الذي يمضي لإنجاز ما يرى فيه مصلحة ولايته وتحقيق السلام فيها دون الإلتفات للأصوات الخفيضة التي تتخذ من صحف الخرطوم مستقراً لها، بينما هي بعيدة تماماً عن ذلك الواقع وتريد التحكم فيه عبر (الريموت كنترول) من الخرطوم في الوقت الذي يدير فيه مولانا المعارك (سلماً وحرباً) بجنوب كردفان. عفاف تاور، ظلت تتنقل بين كثير من اللجان البرلمانية دون أن تشغل أياً منها بجدارة فيما يبدو، اختزلت كل ظهورها الإعلامي في الهجوم على الأوضاع بولاية جنوب كردفان وواليها أحمد هارون الذي تسعى لإنتياشه بالوسائل كافة بما فيه تبخيس جهده العصي على الإنكار في المجالات الأمنية والتنموية واخيراً في مجال السلام الذي انحاز لخياره بقوة، مثلما فعلت جميع مكونات جنوب كردفان في ملتقى كادوقلي الذي خلق إجماعاً عاماً على تحقيق السلام ووضع حلولا ناجعة لمجمل قضايا جنوب كردفان، وهو الملتقى الذي نال إشادة جميع القوى السياسية بما فيها المعارضة، ولكن عفاف تاور عدته صفراً كبيراً حتى التبس عند البعض حديثها، وتساءل الصحفيين ببراءة وقتها ما إذا كانت تتحدث عن ملتقى كادوقلي أم عن إنجازات لجنتها التي لا يعرف أكثر الناس ما هي على وجه الدقة. عفاف تاور التي تسلمت استدعاءً من لجنة الإنضباط بالوطني بجنوب كردفان في وقت سابق، بحاجة لاستدعاء آخر فيما يبدو لمطالبتها بتعيين حاكم عسكري على جنوب كردفان متجاهلة إرادة الجماهير فى جنوب كردفان التي جاءت بالوالي الحالي منتخباً وليس - كما البعض - جاء محمولاً على أعناق الترضيات الحزبية والجهوية التي يدفع المؤتمر الوطني هذه الأيام ثمنها غالياً. ومن الغريب حقاً أن تصدر هذه الدعوة التي تنطوي على قدر من الردة الديمقراطية من شخصية يفترض أن تكون حامية للديمقراطية من خلال موقعها البرلماني الذي سيتشكك البعض منذ الآن في قدرتها على إدارته إذا كان قمة فهمها لمعالجة الأمور هو تعيين حاكم عسكري، رغم إقرار العسكر أنفسهم بتفوق هارون العسكري وقدراته الأمنية الخاصة التي حافظت على جنوب كردفان رغم كل الدعم الذي كان يأتي للمتمردين من الجنوب، حافظت عليها خالية من التمرد سوى بعض الجيوب التي يجري التعامل معها كما يجري العمل الداخلي لتحقيق السلام. بالطبع قد تكون لهارون تقديرات غير موفقة في بعض الأحيان مثل أيِّ بشر آخر، وربما يكون في مقدمة ذلك الإصرار على ترشيح عفاف تاور في القائمة النسبية للولاية رغم رفض الناس هناك لتلك الخطوة. مشكلة عفاف التي تسعى ومجموعة تختبئ وراءها لإقصاء مولانا عن موقع - هو أصلاً زاهد فيه - أنهم اختاروا الأمثلة الخطأ لانتياشه بأسلحة ذات طبيعة ارتدادية. بينما تتناقل مجالس كردفان الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك الهجوم منذ بدأت اللجنة السياسية لأبناء جبال النوبة تعمل للسلام دون أن تكون لعفاف يدُ في ذلك أو في ما يتم من حراك جاد لتحقيقه، فلذلك تسعى لتبخيسه لأنها ببساطة لم تكن جزءاً منه بعد أن انفلتت الأمور كحبيبات الرمل من بين أيديها. وهو الأمر الذي جعل الكثيرين يرددون مع عفاف عبارتها لهارون أمس (شكر الله سعيك)، ولكن لها هي هذه المرة، لأن طبيعة الأسلحة التي استخدمتها كانت ارتدادية كما قلنا، بل أنها تبدو أكثر مضاءً عندما يتعلق الأمر بعفاف تاور التي تتعامل مع هارون بطريقة خاصة أعادت إلى الأذهان قصة جزاء سنمار في المدارس الأولية.