أكاد أجزم أن اللغة التى تحدث بها الفريق أول عبد الرحيم محمد حسين وزير الدفاع عقب عودته من اجتماعات اللجنة السياسية الأمنية المشتركة مع جوبا تستبطن كثيرا من الإحباط ، ربما نجح الرجل فى إخفاء إحساسه عن الصحافيين لحظتها لكن قرائن الأحوال تشير الى ان القضايا الأمنية بين البلدين لم تتحرك قيد أنملة منذ التوقيع على تفاهمات أديس فى السابع والعشرين من سبتمبر الماضي. أبرز الدلائل على فشل أعمال اللجنة السياسية الأمنية بين الخرطوموجوبا استمرار الحركة الشعبية قطاع الشمال فى الهجوم على كادوقلي وتنشيط عملياتها فى تلك الجبهة بشكل غير مسبوق وبإسناد من دولة الجنوب التى مازالت حريصة على الاحتفاظ بورقة المتمردين لتمارس بها الضغط على الحكومة فيما مايبدو. وزير الدفاع قال عقب عودته من جوبا إن اللجنة ستنعقد قريباً في الخرطوم دون ان يوضح للإعلام ما توصل اليه الطرفان فى الجولة الأولى، وذكر باقتضاب مفهوم إن المباحثات تعرضت لعدد من القضايا، قبل ان يقر بمواجهتها صعوبات، انتهت بالتأكيد على استمرارية الحوار. وحسب ما رشح من تسريبات الطرف الآخر فى الاجتماعات - أي دولة الجنوب-،فان الصعوبات تتمثل فى عدم التزام دولة الجنوب بفك الارتباط مع قطاع الشمال ورفضها الانسحاب من منطقة «14 ميل»،وهاتان القضيتنان تمثلان أس المشكلات الأمنية التى كان من المفترض ان تحسمها دولة الجنوب بشكل نهائي ان كانت جادة فى تنفيذ اتفاق اديس. من الواضح ان التيار المناوئ للاتفاقيات قد نجح حتى الآن فى تقويض الاتفاق ، ويبدو ان للجنوب حكومة أخرى داخل الجيش الشعبي ، وان المجموعات التى يتم التفاوض معها الآن لا تملك القوة الكافية لإنفاذ ما يتم الاتفاق عليه. على وزير الدفاع وكل طاقم التفاوض مع الجنوب ان يكون واضحا فى تمليك الحقائق للرأي العام باعتبار ان الاتفاق الأمني هو المفتاح لتنفيذ التفاهمات فى محاورها الثمانية خصوصا التجارية والاقتصادية، يجب على المواطنين فى شمال وجنوب السودان ان يدركوا جيدا من الذى تلاعب بالعهود والمواثيق، الحكومة نجحت ومن واقع مسؤوليتها تجاه الشعبين فى تصميم اتفاقية تعاون نموذجية وضعت العلاقات فى مسار المستقبل، ولكن مصالح وعلاقات وأمزجة جنرالات الجيش الشعبي تابي على البلدين الاستقرار وتختار خيار الحرب والمواجهة التى لن تنتهي قريبا. كيف تنفصل دولة وتصر على الاحتفاظ بما تبقى من جيشها متمردا داخل دولة منحتها حق تقرير المصير،هذا عبث أتمنى ان تتعامل معه حكومتنا الغارقة فى هموم الحكم والخلافة والجدل البيزنطي بالحسم اللازم ، وإلا فإن الطوفان قادم، ينبغي مصارحة الشعب السوداني بالحقائق كاملة ووقف تنفيذ الاتفاقيات فى المحاور الأخرى وإبلاغ المجتمع الدولي بتلكؤ الجنوب فى تنفيذ الاتفاق الأمني وربط كل خطوة تجاه جوبا بفك الارتباط مع قطاع الشمال، الوضوح مهم يا وزير الدفاع فى هذه المسائل ، إذ لاجديد فقد عودنا الجنوب على نقض العهود والمواثيق.. دبى