دعتنى الأمانة العامة لحكومة ولاية الخرطوم ضمن إعلاميين آخرين لحضور اجتماع الحكومة الذى عقد امس و خصص الجزء الأكبر من زمن الإجتماع لمناقشة أزمة المواصلات الحالية . أشيد أولاً بالتقليد الذى تتبعه الولاية بإشراك آخرين من خارج مجلس الوزراء فى بعض القضايا التى تستحق حواراً أوسع . و قد أصابت حكومة الولاية حين خصت الإعلاميين بمشاركات مميزة حتى تكون الصورة مكتملة أمامهم و حتى لا يكون الحوار بين الإعلاميين و التنفيذيين مثل حوار الطرشان . أول ما استفدته من هذا اللقاء و الذى يجب ان أنقله من موقعى للقارئ هو ان الحكومة لا تشغلها خطتها الإستراتيجية للمواصلات عن البحث عن حلول عاجلة للأزمة الخانقة التى يعانيها المواطن اليوم . و كنت و ما زلت أرى أن الخطأ المنهجى الذى وقعت فيه الولاية هو التورط بالإستثمار فى مجال النقل و ما يجره علها من تفاصيل و مشاكل يومية يفلح فى معالجتها الأفراد أكثر مما تفعل الولاية التى يفترض أن تنشغل بالكليات , لكننى أقر أننى استمعت إلى وجهات نظر حول إستراتيجية الولاية فى المواصلات فيها قدر معتبر من الموضوعية و إن لم تبدل رأيى حول أفضلية القطاع الخاص . و يعرف أن الخيارات المتاحة فى كل الشؤون العامة تحمل مزايا و عيوبا و تكون العبرة فى مستوى التطبيق , و لا يدعى أحد أن خيار القطاع العام يحمل كل المزايا ليترك القطاع الخاص بلا ميزة , و العكس صحيح . ما يهم القارئ خاصة ساكن ولاية الخرطوم أن الولاية قد اتخذت قرارات عاجلة تمكن من استعادة الحافلات المتوفقة و تسهل إجراءات استيراد حافلات بالطلب من المالية الإتحادية تجاوز شرط الجدة فى الحافلة المستوردة , فقد أمن الإجتماع على أن توفر وسائل النقل الداخلى و لو بحالة متوسطة أفضل من إدخال المواطن فى أزمة طاحنة فى إنتظار وسائل مريحة تأتى بعد زمن . كان موقفاً صريحاً و شجاعاً و موضوعياً من بعض المعتمدين حين طرحوا بوضوح رؤيتهم المستندة إلى أن استمرارية القطاع الخاص متوقفة على الربحية و أن توقف كثير من الحافلات سببه تراجع الدخل بعد إرتفاع أسعار الإسبيرات و عدم تناسب التعرفة مع تكلفة التشغيل و رأى هؤلاء ان الحل الفورى للأزمة يكمن فى إعادة هذه الحافلات للعمل بإزالة أسباب توقفها , و لا يكون ذلك إلا بالتوصل لتعرفة مجزية . و يقول أصحاب هذا الرأى إن المواطن يدفع الآن أضعاف التعرفة المعلنة لبعض المركبات التى تعمل خلال الأزمة الحالية . هذه مقدمة لا أستبعد معها زيادة جديدة فى تعرفة المواصلات . لن يقابلها كثير من المواطنين بالرضا , لكن الواقع لا يقول بغير ذلك فقد توقف أصحاب الحافلات عن العمل لا كراهية فى مال منهمر بل هروباً من خسائر مؤكدة . هذا دليل عملى على أن من أسباب معالجة الأزمة الحالية (جذب) أصحاب الحافلات ل (سوق) العمل .