يبدو أن هناك نذر مواجهة حقيقية هذه المرة بين اتحاد العمال وبين وزارة المالية الاتحادية او بالأحرى وزير المالية علي محمود عبدالرسول، كلمة (هذه المرة) لبيان حقيقة أن المواجهة تعيد الى الذاكرة التصريحات او التهديدات التي أدمنها اتحاد العمال منذ عهد طيب الذكر تاج السر عابدون الرجل الذي خبر العمل النقابي ودروبه. كان اتحاد عابدون نشطا في ملاحقة حقوق العمال والسعي لتحسين أوضاعهم، ولكنه كان يصطدم بأوضاع اقتصادية غاية في السوء نتيجتها الحتمية الفصل والتشريد وضعف المرتبات، بل وتأخر صرفها على قلتها وضآلتها. بعاملي نشاط اتحاد العمال وسوء الاوضاع الاقتصادية كانت الصحف تحتفي الى حد كبير بتصريحات تاج السر عابدون، وعلى أكتاف المعارك بين الاتحاد والمالية صعد نجم الصحفيين، وتبوأت اخبار الاتحاد وحقوق العمال الصدارة في الصحف. ولكن بعد فترة وجيزة فطن الناس الى انها كانت معارك على الورق فقط، فلم يستطع اتحاد العمال ان ينفذ إضرابا أو يملي قرارا على وزارة المالية، وهي بالمقابل لم تتمكن من الوفاء بكل مطلوبات العمال، وظلت الصحف تتحرك في هذه المسافة الشاغرة بين الرغبة والتمنع. حتى هذه المساحة التي تحركت فيها الصحف تضاءلت جدا على عهد البروفيسور ابراهيم غندور الرئيس الحالي لاتحاد العمال رغم ان أوضاع العمال في عهده لم تتحسن كما لم تتحسن الظروف الاقتصادية العامة للبلاد..قال البعض انه من غير المؤمل ان يقود البروفيسور غندور خط مواجهة ضد وزارة المالية باعتباره قياديا في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، فليس من المعقول في كل الدنيا ان يتصدر قيادي في حزب حاكم حملة مواجهة ضد حكومته. وعند هؤلاء البعض ان غندور أذكى من ان يلعب بنار العمل النقابي وورقته الحارقة، فقضايا العمال حساسة وتنطبق عليها الشعارات التحذيرية التي تكتب دائما على المواد الملتهبة او المواقع العسكرية(خطر..ممنوع الاقتراب)(ممنوع الاقتراب والتصوير). ولكن غندور فاجأ الجميع هذه المرة بلغة مختلفة توحي كل مفرداتها ان المواجهة بين المالية واتحاد العمال واقعة هذه المرة لا محالة ان لم تستجب المالية للمطلوب. غندور انتقد عدم التزام وزارة المالية بتنفيذ القرارات التي تصدر من رئاسة الجمهورية الخاصة بتحسين أوضاع العاملين. وكشف عن وجود مشكلة للتواصل مع وزارة المالية في الوقت الحالي، وقال مانصه: (التفاهم مع وزارة المالية حول قضايا العمال لم يهتز إلا في عهد وزيرها الحالي، وقضيتنا مع وزير المالية ليست شخصية وانما هي خلاف حول مستحقات العاملين بجميع ولايات البلاد ). وحتى لا يظن البعض ان غندور يبث شكواه وحزنه الى وسائل الإعلام فإنه أكد ما يلي:( إن حديثنا حول هذا الخلاف ليس للشكوى ، وإنما لتوضيح رأينا للجميع للاحتكام ، ولإطلاعهم على الصورة ، والخطوات التى سنلجأ اليها إذا لم يتم الاتفاق حول المسائل محل الخلاف، مبينا أن من يقف أمام عمل الحركة النقابية عليه أن يتحمل تبعاته، وسنمضي في ما بدأناه فى الدفاع عن حقوق العمال). من يفتح الباب الموصد أمام غندور في وزارة المالية؟. وان لم تفتح الأبواب ما هي الخطوات التي سيخطوها البروفيسور لأخذ حقوق العمال؟.