أخطرتني نيابة الصحافة والمطبوعات مَشكورةً أمس الأول بقرار وكيل النيابة الأعلى للصحافة والمطبوعات القاضي برفض الاستئناف المقدم من الشاكي (مستشفى جرش) ضد كاتب هذه الزاوية على خلفية نشره مقالاً عن احتجاز المستشفى المذكور لتوأم رهينة إلى حين السداد.. وكيل النيابة الأعلى رفض الاستئناف وأيّد قرار وكيل نيابة الصحافة مولانا عوض بله الذي شطب البلاغ لعدم وجود بيّنة مبدئية وإخلاء سبيل المدعو ضده (كاتب المقال). لن أحتفل كثيراً بالقرار - مع أنه من حقي - ولست مَيّالاً في هذه القضية بالذات الى زيادة جرعة إحتفائي بالانتصار القانوني لأن إثارة الأمر في الأصل كانت لأجل مساعدة والد التوأم وإعانته على الدنيا وإعادة ثقته في الحياة والناس. شكرت مولانا عوض بله وكيل نيابة الصحافة.. فالرجل تسبقه سيرة حسنة وتاريخ نظيف والتزام قويم.. أعرفه من على البُعد منذ كان أحد القيادات المتميزة في الإتحادات الطلابية بولاية الخرطوم، في دورة القيادي عمار باشري تحديداً.. وأعرف أن ذلك الجيل أفاض على السودان من القيادات التي أثبتت كفاءة في كل ما أُوكل إليها.. حيث رافق الرجل كذلك عبده داؤود وزير مالية شمال دارفور وعدد ممن يصرفون أمر المهام بنجاح بينهم الصديق قبيس أحمد المصطفى أمين الإعلام بأمانة الشباب.. فنتمنى أن يعينه الله دوماً على تثبيت الحق وإشاعة العدل. تمنيت أن تنصرف مستشفى جرش لإصلاح حالها بدلاً عن مطاردة الصحفيين الذين يهدون إليها عيوبها ويرجون منها التصويب.. ومازلت آمل في أن تكف جرش عن هذا الفعل وتتّجه لخلق علاقات جيدة مع السلطة الرابعة قوامها الإحساس بالحاجة دوماً إلى النقد والمراجعة والتصويب. لن أزيد وسألخص مقالي السابق الذي صدر عقب شطب البلاغ في نيابة الصحافة لمن فاتتهم مَأساة احتجاز توأم في مستشفى جرش إلى حين السداد. في رمضان المنصرم والشهر يجزل عطاء الخير ويفتح نوافذ الأمل للمعدمين والمكلومين.. كتبنا هنا عن معاناة المواطن (م) الذي عاش باراً بأهله وأسرته الصغيرة.. يجتهد في توفير الرزق الحلال مُعتمداً بعد الله وسعيه على سيارة أمجاد.. قلنا إنّه لم يتخيّل أن الدنيا ستفجعه في أعز قناعاته القائمة على الثقة في كل ما من حوله طالما أنه يعيش في السودان.. حيث (بلادي أمان ونَاسا حُنان يكفكفوا دمعة المفجوع( كتبنا عن مُعاناة هذا الشاب ومستشفى (جرش) تحتجز توأمه الرضيع (رهينة) إلى حين السداد.. لم نذكر حينها اسم المستشفى لأسباب كثيرة أولها أن كاتب هذا المقال ضد تعميق فَجوة الثقة بين المواطن والمؤسسات العلاجية (الفيها أمل).. وثانيها إنّني رأيت أن نشر الاسم يمكن أن يقطع الطريق أمام مساعي الإصلاح.. آخر الأسباب سادتي هو أن الغرض من النشر كَانَ لحل مشكلة المواطن (م) وهو يضطر لبيع (الوراهو والقدّامو) حتى يسدد استحقاقات المستشفى المليونية قبل أن تهدده بتقديم الشيك للنيابة، وتقدمه فعلاً في وقت لاحق. كثيرون خفقت فيهم الإنسانية وانتاشهم وخز الضمير وهم يقرأون مأساة الأب الذي احتفظ المستشفى بفلذتي كبده كرهينتين إلى حين السداد.. الوزيرة الإنسانة أميرة الفاضل سددت مديونية الوالد المعني وأعادت له ولأسرته الثقة في أن الخير مازال موجوداً بيننا. جهات كثيرة اهتمت حينها بالأمر.. المجلس الطبي وعد بالتحقيق ولا أدري إلى أين وصل؟.. و كذلك للدكتور مامون حمّيدة وزير الصحة بولاية الخرطوم وأركان حربه في الوزارة.. إذ هاتفني حينها مستشاره الإعلامي النشط الدكتور المعز حسن ووعد كذلك بالتحقيق والدكتور صلاح الحاج مدير إدارة المؤسسات العلاجية الخاصة بوزارة الصحة، الذي اهتم حينها بالأمر أيّما اهتمام، سنبحث خلال الأيام المقبلة فيما وصلت إليه نتائج التحقيق مع المستشفى.