بعد انتصار «حماس» في حرب الأيام الثمانية الأخيرة على غزة وبعد انتصار «فلسطين» في الأممالمتحدة ونيلها شرف دولة عضو مراقب فى الأممالمتحدة بعد هذين الانتصارين وبعد الدعم العربي الواضح الذي وجدته حماس وضحت حقيقة واحدة هي ان الوضع في المنطقة العربية قد تغير تماماً وان السياسة الخارجية للدول أصبحت تقررها الشعوب وليست الحكومات كما كان في السابق لذا وجب على الأمة العربية والإسلامية مراجعة كل شئ في الساحة يجب مراجعة العلاقات التي تربط العرب على وجه الخصوص بالغرب كافة وبالأخص العلاقات الاقتصادية فالعالم الآن هو عالم «اقتصاد» قائم على العلاقات الاقتصادية وتهمه بالدرجة الأولى المصالح الاقتصادية أكثر من السياسية لذا فإن العرب مطالبون بمراعاة مصالحهم الاقتصادية ومراجعة مواقفهم الاقتصادية واللجوء إلى ما هو ضروري من تغيير لتحقيق مصالحهم ومصالح المسلمين كافة وكفاية تبعية وتهميش ووصاية ولا بد من تغيير النظرية السائدة والشعور الغربي بأن النفط هو «أغلى» من الشعوب في الشرق الأوسط إلى نظرة جديدة وشعور جديد ألا وهو ان في الشرق الأوسط شعوباً هي «أغلى» من النفط لكن يبقى السؤال هو الكيفية التي تمكن بها تغيير المواقف الاقتصادية كي يتم تغيير الشعور والنظرة السائدة؟ الإجابة في اعتقادي يجب ان تقوم على محورين ،المحور الأول :هو تجارة النفط وكيفية تحويل النفط إلى اداة ضغط في يد الدول المنتجة تجاه الدول المستهلكة في حالة الازمات ،والمحور الثاني :هو كيفية تحويل التغيير الذي فرضته ثورات الربيع العربي وتحويله إلى «بوبي» عربي جديد ذي تأثير كبير على المجتمع الدولي والدول الكبرى فالمحوران هما سلاحان متوافران الآن في أيدي العرب والمسلمين، وهما كافيان في إحداث التغيير في حالة الأزمات والاعتداءات، والنفط هو السلعة المرغوبة والرائجة وهو المصدر الوحيد للطاقة لتحريك ماكينات المصانع في الغرب وفي ظل هذه الأهمية يجب إرسال رسالة جديدة للعالم. إن تجارة النفط مستقبلاً سوف تتغير وان «النفط» بالذات ليس للبيع في كل الظروف، إنما هناك ظروف ربما تستدعى مراجعة العلاقات التجارية البينية بين المنتج والمستهلك ما معناه ان المواقف الاقتصادية ربما تتغير في أي لحظة وهي ليست ثابتة كما كانت في السابق.. اما المحور الثاني فالسؤال عن الكيفية التي يمكن بها تكوين «لوبي» عربي جديد قادر على التأثير عالمياً وبالأخص في الولاياتالمتحدة في مواجهة اللوبي اليهودي والصهيوني ،هذا بالطبع ممكن بعد ان أتاحت لنا الثورات العربية اللبنة الأولى بخلق تجمع دولي مكون من تركيا ومصر وتونس وإيران وليبيا والسودان واليمن وربما سوريا يمكن ان يكون نواة لهذا اللوبي الجديد الذي يعول عليه بخلق التوازن المطلوب في السياسة الخارجية العالمية تجاه المنطقة وحجب التأييد لإسرائيل ووقف اعتداءاتها المتكررة. إن ظهور الرئيس الامريكي كما هو بعد الانتخابات مؤيداً لاسرائيل في اعتدائها على غزة وإعطائها الحق في الدفاع عن نفسها على شيك على بياض ،وظهور بعض الدول الأوروبية وهي تعارض حق فلسطين في طلب عضوية الأممالمتحدة كدولة مراقبة ورفضت التصويت لصالح الطلب، هذان الموقفان يجعلان الدول العربية الثائرة الجديدة تنادي بشدة بضرورة تغيير المواقف العربية القومية إلى أخرى جديدة تدافع عن الحق العربي، وان بوادر النصر العربي والاسلامي قد لاحت في الأفق ومنها النصر الذي احرزته المقاومة مؤخراً في قطاع غزة وهو ليس نصرا عسكرياً ومعنوياً فحسب بل هو أيضاً نصراً «إقتصادياً» أجبرت فيه المقاومة الاسرائيلية إلى قبول كل الشروط بما فيها فتح المعابر وفتح معبر «كرم أبو سالم» هو نصر اقتصادي كبير ،لان ذلك سوف يسمح للسلع الأساسية والمواد الخام بالدخول للقطاع وتدور المصانع وتنتج كما تستطيع السلع الزراعية العبور إلى الأسواق الخارجية..