? رغم التغييرات السياسية الهائلة التي طرأت على السياسة المصرية في أعقاب ثورة 25 يناير 2011م التي أطاحت بحكم حسني مبارك - يبدو أن الهاجس الأمني ما زال سائداً في عقول بعض إخواننا المصريين وخاصة في الأجهزة العسكرية والأمنية.. ? وقد ظهرت اشارات من هذا الهاجس خلال احتفالات المهرجان النوبي الثقافي السياحي التي أقيمت بمدينة وادي حلفا نهاية الأسبوع الماضي.. فقد فرضت السلطات المصرية إجراءات أمنية مشددة على وفد فني وأهلي من النوبة المصريين كانوا في طريقهم إلى وادي حلفا لمشاركة إخوانهم النوبة السودانيين في احتفالات المهرجان.. ? الوفد كان يضم فرقة فنية وغربية عالمية- 16 عازفا وفنانا وممثلا إلى جانب 14 من ابناء النوبة المصريين.. والسلطات المصرية منعتهم كلهم من السفر عبر الطريق البري «اسوان- وادي حلفا» بحجة ان هذا المعبر لم يفتح رسميا وأن عليهم انتظار الباخرة الاسبوعية.. ? واستعداداً لذلك الافتتاح فإن الجانب المصري اكمل ترتيباته بإنشاء محطات جمركية وأمنية وخلافها خلف اسلاك شائكة تفصل البلدين «الشقيقين».. ? ولكن للأسف فإ ن الجانب السوداني لم يكمل ما عليه من الانشاءات بعد ان نفذ ما عليه.. يليه من سفلته الطريق بطول 27 كيلومتراً قبل شهور .. وكان من المفترض ان يفتتح رسمياً بحضور قيادات بارزة من البلدين.. ? وحتى إكتمال الانشاءات على الجانب السوداني ومن ثم الافتتاح الرسمي- فإن السلطات المصرية تمنع استخدام ذلك الطريق البري شرق النيل.. ? هذه الإجراءات المشددة من الجانب المصري تضرب بعرض الحائط اتفاقية الحريات الأربع التي يستمتع بها المصريون لوحدهم دون رصفائهم السودانيين.. هذه الاتفاقية تمنح «اشقاءنا» المصريين حق الدخول دون تأشيرة لأية منطقة في السودان.. ولكن السودانيين محرومون من ذلك الحق إذ أن على أي سوداني يرغب في زيارة مصر ان يتحصل على تأشيرة دخول من القنصليات المصرية.. ? دعوة إلى محنة أخواننا النوبة المصريين فقد اضطروا للانتظار حتى السماح لهم من العبور بعد تدخل «جهات عليا» في البلدين ...وقيل ان هذه الجهات هي وزيرا الدفاع في القطرين الشقيقين والمعروف ان القوات المسلحة في البلدين هي التي تسيطر على الحدود السودانية- المصرية.. ? ولكن هذا التصريح جاء متأخراً جداً والاحتفالات بلغت نهايتها.. ومع ان النوبة المصريين الزائرين كانوا مرهقين من المكابدة التي واجهتهم خلال الانتظار والسفر إلا أنهم كانوا مصرين ومصممين على مشاركة رصفائهم السودانيين في الفعاليات التي كانت على وشك النهاية.. وأمام ذلك الاصرار قرر اسامة داؤود رئيس مجلس إدارة مجموعة دال التي تولت «الشغلانة كلها» من الألف للياء- تمديد الاحتفالات لليلة ثالثة حتى يتمكن الأخوة من شمال الوادي من المشاركة بفنونهم الراقية التي نالت اعجاب الحضور الذين تجاوز عددهم عشرة آلاف مشاهد- نساء ورجالا وأطفالا وكبار سن.. ? السلطات الأمنية المصرية بالغت في تشديدها في التعامل مع السودانيين فقد ورد في صحيفة (المهجر السياسيى» يوم الاحد ان القوات اطلقت النار على شابين سودانيين يوم 29 نوفمبر واردتهما قتيلين لأنهما عبرا عن طريق الخطأ الحدود إلى داخل الأراضي المصرية. عندما ادرك عمار وعباس اللذان كانا يعملان في تنقيب الذهب أنهما عبرا الحدود المصرية حاولا العودة إلى الحدود السودانية إلا أن قوات حرس الحدود طاردتهما حتى داخل الاراضي السودانية واطلقت عليهما النيران القاتلة.. ? مع ان هذه جريمة مع سبق الاصرار بدم بارد إلا أن «الأخوة» المصريين لا يتوقعون أية إجراءات من الحكومة السودانية حتى مجرد احتجاج لأننا نحن السودانيين كما يقول «أشقاؤنا» المصريون «ناس طيبين»..