احتشد عشاق القلم ومحترفو الكلمة في مركز الشهيد الزبير محمد صالح الأربعاء الماضي لحضور المؤتمر الصحفي الذي دعا له المجلس القومي للصحافة والمطبوعات ،حيث تم فيه استعراض نتائج دراسة تقييمية للأداء المهني للصحافة السودانية خلال عام ،والذي أوكلت مهمة إعداده لمركز سماوات لدراسات الاعلام والرأي العام التي احتوى تقريرها على »165« صفحة. تركزت الموضوعات المهمة حول الجوانب المهنية في الأداء الصحفي من حيث تنوع القوالب الصحفية وشمول الصحيفة عليها. حيث تبين وجود اختلال كبير في المحافظة على التوازن بين أشكال وقوالب المادة الصحفية، سيما التركيز على الأخبار والأعمدة والحوارات دون غيرها ،كما شملت نتائج الدراسة مدى الالتزام بالمعايير المهنية واللغة المستخدمة ،حيث أشارت إلى نقصان العناصر الأساسية الستة للخبر في الكثير من الأخبار (زمان ومكان وكيفية وتعليل وماهية وهوية الأشخاص موضوع الخبر أو الحدث) فضلاً عن مجهولية مصدر الخبر وضعف مصداقيته،وتساءلت الدراسة عن الكثير من السلبيات عبر أسلوب استقصائي إحصائي مفصل ،كما أظهرت العدد الكبير المتوقف من الصحف ووكالات التوزيع لأسباب وعوائق عديدة أبرزها مالية . ولعل أطرف ما أثير من تجاوز الصحف للمساحات الإعلانية ما قاله الدكتور صلاح محمد إبراهيم عن أن الصفحة الأولى هي من حق الجمهور ،والصحيفة التي تبيع الصحف الأولى لإعلان يمكن أن تبيع أي شئ. فالمنطق يقتضي إنصاف الصحف التي ما زالت تصدر رغم العديد من المصاعب المالية التي جعلت العديد منها إما متوقفة عن الصدور أو تم بيعها أو لا تزال تترنح ،والأفضل للصحيفة وقرائها ومهنيتها هل هو أن تبيع جزءا كبيرا من صفحتها الأولى أم أن تبيع جزءًا صغيراً من مصداقيتها أم سياستها التحريرية لتضمن لنفسها الاستمرارية؟ يحمد لمجلس الصحافة والمطبوعات الذي نطمع أن يفك ارتباط أمينه العام بالخارجية أو العكس طالما أنه جسم يقوم على تلاقي جهات عديدة غير رسمية منها الناشرون ونقابة الصحافيين وشخصيات يعينها رئيس الجمهورية ،حتى لا يصبح ذلك ذريعة لمن يريدون النيل من المجلس أو يبخسوا أشياءه ،فيحمد للمجلس لجوؤه إلى مركز متخصص في اتباع منهج علمي وهو أمر افتقرت إليه كليات الإعلام في جامعاتنا كثيرا في توظيف رسائل البحوث في الدراسات العليا لدراسة وتطوير الإعلام السوداني عموما والصحافة على وجه التحديد . ومثلما أعاب الاتحاد من خلال الدراسة التشخيصية غياب الكثير من أشكال المادة الصحفية، والكثير من أوجه القصور المهني ،فإن هذا العيب سيرتد على نقابة الصحافيين في غياب التدريب المستمر للصحافيين ،فلا النقابة تتيح تدريبا منتظما خارجيا بتكلفة معقولة، ولا هي تلزم الصحف وناشريها بواجبات تدريبية نحو منتسبيها ؟ وقد شهدنا لها عددا من الشراكات مع جهات تدريبية أجنبية إلا أن التكلفة التي ارتفع سقفها مع ارتفاع سعر الصرف، تحرم الصحافيين من المشاركة. فالأولى أن تقبل على شراكات مع شركات مقتدرة لترعى التدريب من قبيل شركات الاتصالات،كما أن المجلس سيرتد عليه التقصير الذي حمله الصحف إن لم يطلع بدوره في تطوير العمل الصحفي عبر مبادرات وحوارات مستمرة تعالج كافة الأمراض، بعد أن قامت الدراسة بتشخيص الأمراض ،فالمجلس هو الجهة الوحيدة التي بها كل الأطراف ناشرين وصحافيين وحكومة . حاشية: على الدولة أن تقدم جوائز تشجيعية سنوية عبر المجلس في كل أوجه وقوالب العمل الصحفي، تعمل على حث الصحف والصحافيين على التنافس والتجويد والتوازن في الأشكال الصحفية ،كما يجب على المجلس بمعاونة جهات أكاديمية وخبراء صحافيين ،استصدار مراشد صحفية تعمل على تفصيل المواصفات المهنية في كل قالب صحفي، مع مراعاة المستجدات في القوالب الصحفية الحديثة التي وصل إليها العالم واستقدامها، فذلك أيسر من الابتعاث الفردي للخارج ،بدلا من أن تكون علاقة رؤساء التحرير بالمجلس علاقة استدعاء أو شكاوى وعلاقة الصحافيين بالمجلس علاقة سجل صحفي ،وبهذه المناسبة سؤال مستحق ينتظر إجابته الكثيرون ممن يقفون على عتبة صاحبة الجلالة من الخريجين :متى يتم فتح الباب لامتحانات السجل الصحفي والعام 2012م قد انتهى؟