لو أن مأساة طيور الجنة وقعت في شأن الكبار لهانت، ولكنها حسرة عاناها الأطفال والصغار من الكبار ومن الجهات المنظمة والمسؤولة في الدولة. ويبقى السؤال هل تمت الموافقة على تنظيم حفل قناة طيور الجنة لجهة قادرة ولها الخبرة في هذا العمل؟ إنه عملٌ خطيرٌ فقط لأنه يعنى بالأطفال. مأساتنا في السودان أن الجهات المعنية في الدولة لا تهتم بكل ما ينبغي لها أن تهتم به ولو أنها فعلت لما قبلت إلاّ بجهة مختصة وقادرة ولو ضعت لها ((المواصفات)) التي تؤمن الصغار من خيبة كبيرة قليلة هي المناسبات الكبيرة والعالمية التي تجد إخراجاً جيداً ورفيعاً يليق بها. وأشهد أنني شهدت تنظيماً راقياً لحفل الفنان الكبير الرمز المرحوم محمد وردي طيّب الله ثراه، فقد شهدت كيف وقف السيد أسامة داؤود على تفاصيل الحفل رغم أن الرجل صاحب مؤسسات إستثمارية ومالية كبيرة ولكنه ذاك اليوم تحرّك بهمة ونشاط وكان ملازماً الموقع منذ الصباح، بل واستورد المسرح وتوابعه من دولة جنوب أفريقيا لينتج لنا حفلاً متكاملاً في الصوت والصورة وحُسن التنظيم حيث استمتع الناس ودخلوا وخرجوا في نظام بديع يليق بالسودان وبالفنان وبمنظمي الحفل حينها. أما أمس الأول في الإستاد فقد كان الهرج سيد الموقف. أفضل نتيجة خرج بها الحفل أنه أكد أن أطفال السودان في المقدمة من أطفال الوطن العربي، وبشهادة قادة الفرقة فقد كان الحضور كبيراً جداً للأسف نحن لا نحسن كيف نحسِّن صورتنا في العالم وعندما تأتينا الفرص نضيِّعها. تنظيم مثل هذه الفعاليات لا يجوز أن يقصر فقط على تحقيق الربح وإنما ينبغي أن يكون مناسبة ونافذة خارجية وعالمية وأيضاً وهو الأهم فرصة لعلاقة طيبة منفتحة نبنيها لأطفالنا. السودان بلدٌ سبّاقٌ في رعاية الطفولة وبوسائل متطورة، وكانت لنا مجلة الصبيان تحكي عن ريادة حقيقية وسبق متميز. واليوم أطفال السودان يتقدمون على الكبار في الإنفتاح على الفضائيات وما يقدم فيها من محتوى عالمي ولو كان بغير لهجاتهم وليس موجهاً لهم ولكنهم يتفاعلون معه ويتطوّرون به، ومؤسساتنا رسمية وشعبية متخلفة عن الأطفال لم تستطع أن تنتج لهم فضائية في مستوى طيور الجنة وحرمتهم من متعة بعد أن وصلت إليهم.