ما يتردد عن المحاولة التخريبية، هو في الواقع محاولة لتصفية حسابات سياسية بطريقة مكشوفة، وإلاّ فكيف يُقّدِم رجل في خبرة (قوش) الأمنية على عمل تخريبي فطير كهذا؟.. هكذا كان يتحدث الكثيرون في مجالس المدينة عقب حديث الحكومة المتناقض عن كشف محاولة تخريبية حيناً، وانقلابية في بعض الأحيان. غذى ذلك التناقض وقتها أحاديث عن تلك المحاولة لا ناظم بينها صدرت من وزير الإعلام ود. قطبي المهدي ود. ربيع عبد العاطي ود. مندور المهدي، وآخرين تسبق أسماهم عادة صفة (دكتور) دون أن يقدموا - على الأرجح - معلومات شافية عن ما حدث على وجه الدقة. وقتها، كان يتحدث عن المحاولة كل من كان يتوجّب عليه الصمت إمّا لعدم الاختصاص أو لعدم المعلومات، ولكن إصرارهم على الحديث، وحب الظهور في وسائل الإعلام جعلهم يتحدثون كثيراً دون أن يقولوا شيئاً في الواقع. فما كان يصدر منهم وفّر حيثيات غير كافية لما ذهبوا إليه، فهم لم يستطيعوا تقديم معلومات أو قراءات متماسكة الأمر الذي جعل الكثير من المراصد الصحفية تخوض في تحليلات بعيداً جداً عن أرض الواقع بعد ما صدقت حديث المسؤولين في البداية عن أنّها محاولة تخريبية، وليست انقلابية كما تكشف بجلاء في حديث د. نافع للواجهة التلفزيونية أمس الأول، ليدعم بقوة الحديث الذي سَبقه إليه مدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني الفريق أول مهندس محمد عطا ببورتسودان، الذي كشف فيه أنّ ما حدث كان محاولة انقلابية متكاملة الأركان بما في ذلك ساعة صفر وبيان كان سيقول إنها ثورة تصحيحية. وفيما تفادى آخرون الحديث بوضوح عن المحاولة التي تنبع خطورتها في كون من قام بها هم أبرز حُماة الإنقاذ منذ ميلادها الأول، فقد رَفعَ د. نافع يده للحديث بذات لغته الواضحة والمباشرة حد إغضاب البعض. ولكنها وَضعت الجميع في صورة ما حدث تماماً بشأن المحاولة التي تبيّن من حديثه أنها انقلابية تماماً، وان التشكيك فيها مبعثه تعاطفٌ شخصيٌ. فقد كشف نافع الذي كان في رحلة خارجية لبعض الدول الأفريقية وقت إجهاض الانقلاب قبل ساعة الصفر، وَكَشَفَ كذلك عن محاولة انقلابية غير مُعلنة جرت تفاصيلها قبل المحاولة التي أُحبِطت اخيراً وشارك فيها معظم قيادات المحاولة الإنقلابية الأخيرة. د. نافع قدم من المعلومات عن المحاولة الانقلابية ما سبق أن قدمه في تنوير خاص لمجموعة مُنتقاة من الإعلاميين مصحوباً بتنبيه بعدم النشر، ولكنه قرر اخيراً بث تلك المعلومات في الهواء الطلق على نحوٍ وضع الجميع في صورة ما حدث على وجه الدقة. وأكد د. نافع إلى جانب الحقائق التي أوردها أنه يتكئ على رصيد وافر من المعلومات التّفصيليّة تجعل لما يقوله قيمة كبيرة مُستفيداً في ذلك من خبرته الأمنية ربما، ومن وضعيته القيادية في الدولة، والحزب على وجه خاص، حيث تصب في مكتبه مجمل التقارير الفنية وإن شئت الدقة الأمنية ذات الخصوصية العالية.