هل ما تم ضبطه فجر الخميس الماضي كان بالفعل محاولة تخريبية، أم إنقلابية، أم الاثنين معاً.. أم أن كل ما ذكر صحيح؟. بالطبع، هناك من يرى أن كل ما ذكر خطأ، بينما الصحيح الوحيد هو أن ما حدث كان محض (محاولة وهمية) شَعرَ البعض معها بحالة من الإرباك وهم لا يدرون من يصدقون تحديداً بعد أن ذهبت التصريحات إلى وجهة متناقضة من غير أن يكون هنالك سلك ناظم بينها. فوزير الإعلام د. أحمد بلال الذي نقلت عنه صحيفة «أخبار اليوم» أمس قوله: (المحاولة التي تم إحباطها تخريبية وإنقلابية.. فهي كانت ستبدأ بالتخريب والإغتيالات لبعض الأشخاص. بينما الغرض الأساسي منها هو الإستيلاء على السلطة)، هو ذات وزير الإعلام الذي قال في مؤتمره الصحفي الأول إن المحاولة هى إنقلابية وأمسك تماماً عن الحديث أو وصفها بالمحاولة الإنقلابية. والمتابع لأحاديث المسؤولين في الأيام التي أعقبت المحاولة يجد العديد من التوصيفات والحيثيات التي تجعله يشعر بشئ من الحيرة والإرباك في توصيف ما حصل على وجه الدقة.. فأول ما رشح عن المحاولة منسوباً لجهات أمنية عبر المركز السوداني للخدمات الصحفية، أن عناصر أمنية وعسكرية، وشخصيات مدنية معارضة تقف وراء (المحاولة التخريبية). بعد ذلك، ذهب د. قطبي المهدي إلى أن المحاولة لم تتعد مرحلة الاتصالات، ولم تنضج بعد لأنها كانت في مراحلها الأولية، وهو حديث يتصادم حتى مع حديث سابق لوزير الإعلام قال فيه إن المجموعة المتهمة حددت ساعة الصفر لتنفيذ مخططها في 15 نوفمبر الحالي ثم عدّلوا الموعد الى الخميس الماضي، أي تم اعتقالهم قبل ساعات من ساعة الصفر. ومع حديث د. مندور المهدي الذي وصف المحاولة بأنها انقلابية وأورد معلومات تتناقض مع ما قاله وزير الإعلام في المؤتمر الصحفي الأول بعد المحاولة، ولكنها تتماشى مع ما قاله في برنامج «في الواجهة» التلفزيوني. وكل ما سبق يتناقض مع ما ذهب إليه د. ربيع عبد العاطي عندما قال إن الأمر ليس محاولة انقلابية ولكن امتعاض بين القيادات العسكرية والأمنية على خلفية ما جرى في مؤتمر الحركة الإسلامية الأخير. من الآخر، يبدو أن الوصف النهائي لهذه العملية لم يطلق بعد، وربما يتكشف ذلك عقب انتهاء التحريات الأولية مع الموقوفين في المحاولة وإحالتهم للنيابة والقضاء الذي سيقول الكلمة النهائية، وعندها فقط يتضح طبيعة ما حدث، فمن المناسب أن يصمت غير أهل الإختصاص ممن يشعرون بمسغبة للحديث عن المحاولة من غير أن تفي معلوماتهم الشحيحة بنصاب الحديث إلا بالقدر الذي يزيد الأمور إرباكاً وتشويشاً، وتناقضاً كما رأينا.