واضح جداً من نهج ولاية الخرطوم انها لا تعمل بفقه الضرورات أو الأولويات ان شئت.. وآخر نموذج انتهجته سلطات هذه الولاية ببرود يحسد عليه ابتداع ما يسمى مجسم الكعبة. كم يا ترى بلغت تكاليف إنشاء هذا «الصرح»؟ لا أعلم بالتحديد.. دعنا نقدر انها بلغت مليار جنيه.. أو قل نصف مليار.. ونتساءل أما كان من الأجدى والأنفع ان تنفق سلطات الولاية هذه الأموال على مدارسها ومستشفياتها المتهالكة؟ معروف لدى القاصي والداني ان مدارس العاصمة المثلثة تتدهور أوضاعها بوتيرة مقلقة في كل المجالات.. بعض مبانيها متصدعة.. إجلاس التلاميذ الذين تكتظ بهم فصول الدراسة تدني مرتبات المعلمين. وكثيرون منهم التحقوا بالمدارس الخاصة حيث المرتبات أفضل.. ? سلطات الولاية حذرت إدارات المدارس من عواقب طلب الرسوم المدرسية من التلاميذ ومنعتهم من ذلك.. فاضطرت هذه الادارات للاستغاثة بمجالس الآباء لمقابلة نفقات تسيير مدارس ابنائهم.. أما مستشفيات ولاية الخرطوم - فحدث ولا حرج-.. وأخذت مثال على تردي الأوضاع في تلك المستشفيات ما حدث في الاسبوع الماضي في مستشفى امدرمان التعليمي.. فقد هدد مديرها بإغلاقه أو فرض رسوم على المرضى- لمقابلة نفقات تسيير هذا المشفى.. هذا مجرد نموذج ليس إلا- التسيب المريع والذي طال مستشفيات ولاية الخرطوم.. فهناك مؤسسات علاجية أخرى أكثر بؤساً.. وكل من يسير في طرقات المدن الثلاث لا بد ان يصادف أكواماً من النفايات في أي ركن من اركان المدينة التي يعتبرها الكثيرون واحدة من أقذر عواصم الدنيا.. تستخدم ولاية الخرطوم نحو «70» ألف موظف وتستغرب ماذا يفعل هذا الجيش الجرار غير مطاردة «ستات الشاي» والباعة المتجولين والثابتين الذين يناضلون من اجل العيش الكريم إلا أنهم لا يجدون غير الاذلال من المحليات».. حكومة الولاية أيضاً فشلت في توفير المواصلات للمواطنين الذين بلغ بهم الغضب لحد اضرام النار في حافلات الولاية وقد اضطر والي الخرطوم الاعلان بهذا الفشل المريع.. ونسبت الصحف يوم الاثنين قوله ان مشكلة المواصلات تحتاج لتدخل رئيس الجمهورية.. هل هذا معقول؟ يتدخل الرئيس في شأن من صميم مهام الوالي؟ ومع كل هذا فإن الوالي الهميم يشن هجوماً لاذعاً على الذين انتقدوا فكرة مجسم الكعبة واصفاً إياهم بالغباء و قال «لا يضيركم حديث السفهاء فعقولهم لا تتجاوز عقول القطة»...