عشقنا سحره ولمساته للمستديرة.. واستهوانا تطويعه للمجنونة.. صار هيثم مصطفى جزءاً من نكهة الحياة السمراء في بلد نصبته مالكاً لامتياز الأفراح الزرقاء.. أصبح (سيدا) عالماً جميلاً للأهلة المفتونين ب (الباصات البينية) التي عَادَةً ما تقول للمُهاجم (أتفضّل جيب قوون). (17) عاماً والأقدام الموهوبة تعزف ألحان التتويج والإبهار.. صار البرنس احدى أيقونات الحياة السودانية وهو يلون بزرقة عشقه مساحات تنتظره للإبداع والإمتاع.. لم يتخلف يوماً عن السطوع والتوهج منذ كان يافعاً يفعل في الكرة ما يريد.. وحتى بات (كابتناً) معتقاً ونجماً مرصعاً بالذهب وموسماً بالعطاء الجميل. لن نفتقده من باب التقديس للأشخاص غير أنّ من حقه علينا أن نحزن على انتهاء تاريخه بهذه الصورة المسيئة للهلال الكيان ولرتبة الكابتنية والقيادة وسط لاعبيه.. أياً كانت الدوافع ومهما تعدّدت الأسباب لم يكن مجلس البرير مُوفّقاً في إنهاء حياة أمثال هيثم مصطفى بهذه الطريقة التي تسيئ للسودان قبل الهلال. كيف تتقطّع السبل بنجم مثل هيثم.. يتطوّع الخيِّرون الآن لإلحاقه بالكشف الأحمر، وهو القيصر الذي ناله أذى كثير في سبيل الهلال.. (17) عاماً بين الانتصارات والانكسارات هزائم وأفراح.. دموع وابتسامات لازمت مسيرة النجم وهو يمضي نصف عمره في نادي الهلال جندياً مخلصاً وقائداً مُلهماً وصانعاً للأفراح الزرقاء ومهندساً لمسيرة النادي الذي توشّح في عهده بالكاسات واحتفل بكثير من الإنجازات. لست ضد البرير ولا المجلس.. ولكني مع (وفاء) تفتقده حياتنا السودانية في مجالات كثيرة.. مصير هيثم في الهلال لن يشجع آخرين على الإخلاص لهذا الكيان.. وسيخصم من بريق الأدب الهلالي المتوارث في مجال العرفان ورد الجميل.. أزمة هيثم دليل عملي على ما ينتاش الموهوبين من ألغام الحسد التي يضعها الفاشلون على طريق الموهوبين، حتى يدفعونهم إلى الاختفاء والتلاشي والانتحار. انتحر هيثم حينما انفجر في وجه من أدخلوه زنزانة الاستهداف.. وتركوه نهباً للإحساس العالي بالمُؤامرة.. وعندما نفذت ذخيرة الصبر والمقاومة لدى الفتى الذي ما ظن أن الأمر يمكن أن يصل هذا الحد قرر أن يفتح النار في كل الاتجاهات فكان ما حدث. من استهدفوا هيثم منذ بداية الموسم وقبلها كانوا يعدون للحظة انفجار الكابتن.. ومهما كان رأي الناس في هيثم فإنّه كابتن (الهلال).. هذه الرتبة التي من المفترض أن تمنح شاغلها حصانة ضد الكيد وامتهان الكرامة والتجني على تاريخ ناصع كان فيه اللاعب ملء السمع والبصر بفضل الهلال ومن أجل الهلال. لم أكن أتوقّع أن يأتي فيه يوم يكون تسجيل هيثم خياراً على مائدة نادي المريخ، قبلوه أو رفضوه.. هذا أمرٌ لا يليق بفريق من المفترض أن يكون قادته (كباراً) في وجه الأفعال الصغيرة أو الكبيرة خاصة حينما يتعاملون مع كابتن فريق الهلال. شكراً هيثم.. ليس لدينا ما نقوله سوى التأكيد على أنك أمتعتنا نصف عمرنا كذلك.. مزاجنا قضى في كنف إبداعك سنينَ عدداً.. كم أبهجت ذائقتنا وأذهبت (كربتنا) ونحن في أمسّ الرجاء لهدف أو انتصار.. لم يخب ظننا يوماً في أنك قائد مشحون بالإبداع وممتلئ بالمفاجآت.. ليس لدينا ما نقول سوى أنك ستظل ذكرى جميلة تعيننا على اعتزال حب الهلال المفجع وعشقه المتعب إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً.