فى ثانى جولاته الافريقية حاول الرئيس الفرنسى فرانسو هولاند مجددا القطيعة مع ماضى سلفه ساركوزى، واختار مداخل واقعية للتعامل مع القارة الافريقية ، وكان الرئيس هولاند الذى انتخب فى مايو الماضى اختار العاصمة السنغالية داكار فى اكتوبر الماضى لإلقاء أول خطاب موجه لشركاء وأصدقاء فرنسا فى افريقيا وكان خطابه بحسب الصحافة الفرنسية بمثابة الصفحة الجديدة التي تفتح أمام البلدين لرسم مستقبل أفضل، ويرى مراقبون ان الرئيس هولاند قادر على نسج علاقات جديدة مع الأفارقة، علاقات أكثر إنسجاما وتوازنا من سلفه ، جاء هولاند الاسبوع المنصرم الى الجزائر بذات الروح ، ووعد في الجزائر ب (قول الحقيقة) ولكن ليس الندم حول الاستعمال الفرنسي للجزائر من اجل فتح صفحة جديدة في العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، واضاف هولاند لم آت الى هنا للتعبير عن الندم او الاعتذار، جئت لأقول ما هو حقيقة وما هو تاريخ. ورافق هولاند وفد هو الاكبر الذي يغادر معه الى الخارج منذ توليه مهامه في مايو وضم حوالى 200 شخص بينهم تسعة وزراء و12 مسؤولا سياسيا واربعين من رجال الاعمال وكتابا وفنانين وحوالى مائة صحافي.وقال الناطق باسم قصر الاليزيه رومان نادال تعليقا على هذا الوفد الكبير انه «يدل على الاهمية السياسية لكن ايضا الرمزية والاقتصادية التي يوليها رئيس الجمهورية لهذه الزيارة». ويبدو ان اسلوب هولاند فى التعاطى مع القضايا الافريقية والرغبة فى فتح صفحة جديدة وجد تجاوبا فى الشارع الجزائرى، حيث أفاد استطلاع للرأي اجري لحساب صحيفة «ليبرتي» نشرت نتائجه يوم الاربعاء ان 57% من الجزائريين يؤيدون علاقات «نموذجية» مع فرنسا. واعتبرت صحيفة «الوطن» الجزائرية الواسعة الانتشار الناطقة بالفرنسية ان «الاعتراف بالماضي الاستعماري وجرائم الاستعمار سيهدىء اخيرا الذكرى التي لا تزال مؤلمة وسيحقق العدالة للضحايا وسينهي ايضا الحسابات السياسية التي تجري لدى الجانبين». وفي الضفة الاخرى من البحر المتوسط يبقى الانقسام سائدا، بحيث ان 35% من الفرنسيين يعتقدون ان فرنسوا هولاند لا يجب «في اي حال من الاحوال» تقديم اعتذار للجزائر بسبب الاستعمار، بينما يرى 13% انه يجب ان يعتذر و26% يشترطون ان تقدم الجزائر اعتذاراً بسبب ما حدث للحركيين والاقدام السوداء» والحركيون هم الجزائريون الذين قاتلوا الى جانب فرنسا خلال حرب الجزائر لنيل استقلالها، اما الاقدام السوداء فهم الفرنسيون المولودون بالجزائر خلال فترة الاستعمار (1832-1962) ومن اجل فتح «صفحة جديدة» وكذلك «عصر جديد» في العلاقات بين البلدين، وقع هولاند وبوتفليقة مساء الاربعاء «اعلان الجزائر العاصمة حول الصداقة والتعاون بين فرنساوالجزائر». وشدد هولاند على ان فرنسا تريد «شراكة استراتيجية من الند للند» بين العاصمتين. وسوف يتم توضيح هذه الشراكة في اتفاق اطار حول «برنامج عمل على خمس سنوات في المجالات الاقتصادية والمالية والثقافية والزراعية وحتعى الدفاعية». كما شارك الرئيسان في التوقيع على ستة اتفاقات من بينها انشاء مصنع بالقرب من مدينة وهران (غرب) لتجميع سيارات رينو حيث من المتوقع ان ينتج ابتداء من العام 2014 ما لا يقل عن 25 ألف سيارة سنويا الامر الذي اعتبره الرئيس الفرنسي «اعلانا قويا جدا».واشار هولاند من جهة اخرى، الى «تطابق» وجهات النظر مع الجزائر حول مالي معربا عن امله في ان «يستعيد هذا البلد سيادته ووحدته الترابية» من خلال تفاوض لا يشمل الحركات الارهابية. وكان الرئيس السابق جاك شيراك استقبل بحفاوة في الجزائر في 2003 و 2004 لكن في السنة التالية ادى قانون يهدف الى ادراج «الدور الايجابي» للاستعمار في المناهج المدرسية الفرنسية الى فتور العلاقات الفرنسية-الجزائرية لفترة طويلة.اما نيكولا ساركوزي فقد اثار اعجاب الجزائريين في ديسمبر 2007 لكن زيارته لجمعيات من الحركيين قطعت مسار التحسن.وقال الرئيس الجزائري في مقابلة مع وكالة فرانس برس ان الجزائر تريد «علاقة قوية وحيوية مع فرنسا» فيما ترغب باريس في هذه المناسبة في استئناف «حوار سياسي حول التحديات الدولية الكبرى» بدءا بمالي.