إهتمت وسائط إعلامية عديدة بدعوة مجموعة الأزمات الدولية لتجميد مذكرة المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس عمر البشير , لكن لا بد من التنبيه أن الدعوة جاءت ضمن حزمة متكاملة ترى أن الإصلاح فى السودان يتطلب حكومة إنتقالية و حل النزاعات و إحراز تقدم فى المفاوضات مع دولة جنوب السودان , و إقترحت المجموعة حسب التقرير الصادر عنها مساعدة السودان بتخفيف ديونه و رفع العقوبات عنه و منح الرئيس البشير و نخبة المؤتمر الوطنى حوافز لإنشاء حكم إنتقالى غير قابل للإرتداد . التركيز على دعوة المجموعة مجلس الأمن إلى إستخدام المادة (16) من قانون روما الأساسى لتجميد مذكرة الجنائية و تصوير الدعوة و كأنها إنتصار للسودان لا يغير من جوهر الأمر و لا يبدل حقيقة أن دعوة مجموعة الأزمات الدولية كل متكامل لا تؤخذ جزئية منه و تترك أخريات . و هى دعوة تكاد تتطابق مع دعوات وطنية أخرى ظلت تنادى بقومية الحكم و آخرها ما صدر فى مبادرة حزب العدالة ثم فى مبادرة حزب إتحاد قوى الأمة , إلا أن ما يميز الدعوة التى أطلقتها مجموعة الأزمات هو حملها لمحفزات للنظام متمثلة فى رفع عقوبات و تخفيف ديون و تجميد لمذكرة الجنائية , و هى ما يمكن إعتبارها ضغوطاً أيضاً بمعنى أنها محفزات برفع العقوبات و غيرها و ضغوط بالإستمرار فى فرض العقوبات و الإبقاء على الديون و رفع سلاح الجنائية , و هنا تكتسب المبادرات الخارجية أهميتها لكونها تملك العصا و الجزرة و تعرف متى و كيف تستخدم أدوات الترغيب و الترهيب , و لذا تجد آذاناً صاغية من الحكومة التى لا تعير مبادرات وطنية شبيهة أى إهتمام . و رغم أن مجموعة الأزمات الدولية ليست جهة حكومية أو منظمة حاكمة يمكن أن تصدر العقوبات أو تقدم الحوافز لكن تقاريرها تجد إهتماماً خاصاً عند الجهات التى يمكن أن تعاقب أو تحفز , وقد تكون فى مقترحات المجموعة خارطة طريق جديدة قد تعين الحكومة فى ترسم الخطى نحو حل شامل . و تكون الخطوة الصحيحة الأولى هى الإعتراف بوجود أزمة بدلاً عن الإنصراف إلى توصيف لا يخلو من صحة لحالة المعارضة البائسة , و هو توصيف و إن صحّ فإنه لا ينفى وجود أزمة خانقة أسهمت الحكومة بالقدر الأكبر فى خلقها ثم أسهمت بالقدر الأكبر فى إستفحالها بإنكار وجودها و الدخول مع المعارضة فى معارك إنصرافية لا علاقة لها بلب القضية .. و أرى أن تبرهن الحكومة على جديتها بالموافقة على جوهر المبادرات المطروحة التى تصب كلها فى إحداث التحول الديمقراطى , الذى يمكن أن يتم بدون شرط الحكومة الإنتقالية إذا قدم المؤتمر الوطنى الضمانات الكافية لإجراء إنتخابات نزيهة فى الدورة القادمة , و بعدها سوف يتفاجأ المؤتمر الوطنى و قوى المعارضة بخارطة سياسية جديدة لم تكن فى حسبان كلا الفريقين .