لو كنت (الحكومة) لجنّدت كل إمكانياتي وسخّرتها لتقصي أسباب انتشار السرطان بأنواعه المتعددة.. الإصابة بهذا المرض القاتل قفزت إلى معدلات خطيرة.. الدولة مازالت غارقة في هموم صغيرة بينما مرضى السرطان يتزايد عددهم يوماً بعد يوم.. هذا الداء مثلما أعيا الطبيب المداويا كشف عن عجزنا التام في مواجهة الحقائق المُرة وفشلنا في التصدي للمهددات الحقيقية وانشغالنا بقضايا انصرافية لا تلامس الهموم الحقيقية للمواطن. الدوائر الرسمية للأسف تتعامل ببرودٍ مع معدلات الإصابة المتزايدة لمرضى السرطان.. الجهات المناط بها الرصد والمتابعة والمعالجة لا تزعجها الأرقام المخيفة.. إذ مازالت تصنف السرطان في خانة الملاريا والنزلات المعوية.. لا نلمس ثمة حراك على مستويات رفيعة يستجيب لواقع مأساوي يعيشه السودان والسرطان يحصد أرواح مواطنيه حصداً.. لا نشخِّص الأسباب ولا نجتهد في إغلاق الأبواب التي يدخل منها هذا المرض الفتاك. أصاب أحمد سعد عمر وزير مجلس الوزراء أمس وهو يتحدث بألم عن السلع الفاسدة التي تدخل السودان ويشير إلى أن بلادنا ويا للأسف باتت (مكباً) لنفايات بعض الدول، وينوّه إلى ارتفاع حجم الإصابة بالسرطانات نتيجة لدخول السلع المسرطنة. حديث الوزير عضّده عدد من نواب البرلمان وهو يتهمون منظمات بإدخال سلع غير مطابقة للمواصفات ومُنتهية الصلاحية ومجهولة المصدر إلى البلاد. تظل صحة المواطن هي المسؤولية الكبرى التي تضطلع بها الدول لحماية شعوبها من الادواء القاتلة.. فقط صحته نحن لا نتحدث هنا عن رفاهيته.. وقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن هنالك اسبابا متعلقة بالأطعمة والسلع منتهية الصلاحية أسهمت أو ربما كانت السبب الرئيس في تفشي الإصابة بمرض السرطان. من منا اليوم ليس بين أسرته أو أهله أو معارفه من فتك بهم هذا المرض اللعين.. التقارير تتحدث عن ارتفاع الإصابة لتصل إلى (10) آلاف خلال العام 2012م، حتى هذه الإحصائية تسامحت مع الواقع كثيراً لأن أغلب المصابين لا يصلون إلى مراكز العلاج. التساهل البائن في دخول السلع الفاسدة حسب إفادات الوزير سيرتّب مزيداً من الإصابات.. الدولة تتحمّل مسؤوليتها كاملة إزاء ضعف الرقابة على السلع والأطعمة التي تدخل السودان.. عدم متابعة الأصناف الغذائية المطروحة في الأسواق تواطؤ مع أمراض السرطان التي أحكمت قبضتها على رقاب المواطنين. حديث البرلمان ينبغي أن يتحوّل إلى إجراءات في مواجهة عديمي الضمير من الذين لا تهمهم صحة الناس وهم يطرحون في الأسواق سمومهم القاتلة من أجل الحصول على المال.. ومن المفترض كذلك أن يَتحََوّل الى مواد لمحاسبة من قنّنوا للإعفاءات الجمركية ولأولئك الذين لا يقومون بواجباتهم كما ينبغي في التثبت من صلاحية الأطعمة والسلع ومُطابقتها لمواصفات الاستخدام الآدمي.. ننتظر إجراءات تحافظ على من تبقى من الشعب بعيداً عن موجة الإصابة بالسرطانات.. نسأل الله تعالى الشفاء للمصابين والشفاء لمن حالفهم الحظ حتى الآن في النجاة من الإصابة بالسرطان.