بعد الدعوة الأخيرة التي وجهها السيد رئيس الجمهورية من الروصيرص لكافة احزاب المعارضة وحملة السلاح بالعودة للسودان، والمشاركة في كتابة دستور البلاد القادم.. لم تتم كالعادة أية استجابة من تلك الاحزاب.. وفي تقديري ان الدعوة لها عن طريق المايكروفون في المناسبات الكبيرة ... لن تجدي نفعاً وفي تقديري أن يكّون المؤتمر الوطني وفدا رفيع المستوى.. يحمل افكارا محددة ورؤية محددة لتلك الاحزاب لتحقيق الوفاق الوطني.. والمشاركة في كتابة الدستور.. وكذلك المشاركة في التصدي لكافة التحديات التي تواجه بلادنا. واعتقد ان تلك الاحزاب اذا وجدت برنامجاً سياسياً مشتركاً بينها وبين الحزب الحاكم يتسم بالموضوعية فلا اعتقد انها ترفض المشاركة.. ولا تعتبر دعوات المايكرفون دعوة مراكبية.. الرئيس كان صادقاً ، وصادقاً جداً في دعوته لأحزاب المعارضة للمشاركة في الحكم وفي كتابة الدستور.. لكن يبدو ان لبعض تلك الاحزاب اجندة خاصة تعتقد ان التمسك بها يوصلها الى حكم البلاد دون رجال الانقاذ. نحن نطالب الحكومة واحزاب المعارضة للمرة المليون بان تجلس للتفاوض.. وفق برنامج سياسي و اقتصادي واضح المعالم .. يحدد دور الحزب الحاكم كما يحدد دور المعارضة وبعد ذلك لنرى ما يحدث.. لكن رفض المعارضة وتمسكها بالحكومة القومية فهذا أمر مستحيل بالنسبة للحزب الحاكم لانه يفقده الاغلبية في الحكومة القومية.. بل تتسرب الدولة من بين يديه عبر فكرة الحكومة القومية. والمعارضة تتمسك بالحكومة القومية لانها تريد أن تجرد الحزب الحاكم من الأغلبية في الحكومة وفي البرلمان ... وبذلك يتاح لها السيطرة على مقاليد الحكم والمال والدفاع والسياسة الخارجية ، وهذا ما ترفضه الحكومة جملةً وتفصيلاً في فكرة الحكومة القومية . لكن من المهم جدا البحث عن صيغة وفاقية بديلة للشرط الذي تراه الحكومة شرطاً متعسفاً ولا تريد المعارضة جزءا من (الكيكة) ... وانما تريد (الكيكة) كلها ... الحكومة والمعارضة لا تعجزان عن البحث عن صيغة تلاءم الطرفين... خاصة ان البلاد تواجه العديد من التحديات التي تهدد استقلالها ووحدتها.. وكما يعلم الجميع فان الحوار هو اقصر الطرق للوصول الى نهايات مرضية .. و الى تحقيق اهداف كافة الاطراف لذلك ينبغي ان توفر القوى السياسية المعارضة الوقت ... وتقدم مقترحات جادة تدخل بموجبها الى حوار ضافٍ ومفيد مع الحكومة .. والتي لن ترفض ما تقدمه المعارضة من طرح موضوعي .. لان الحروب ارهقتها، كما ارهقت المعارضة المسلحة .. على تخوم الوطن العزيز. أكثر من عشرين عاماً والمعارضة السودانية تقف في نقطة واحدة متمترسة في خندق واحد ... لم تتقدم خطوة للمشاركة في الحكم أو في تحقيق شعارها المرفوع منذ العام 1989 بإسقاط النظام الحاكم . وعدم تحقيق شعاراتها في إسقاط النظام يعود للانقسامات والخلافات التى أضعفتها ... وجعلتها غير قادرة على الفعل ... وجعلتها تجيد إطلاق الشعارات والمواقف التي تفرغها من موضوعها الاساسي ، أو هدفها الأساسي . نحن نريد معارضة قوية ... ونريد حكومة قوية حتى تستطيعا تحقيق أشواق الشعب السوداني ... إذا التقيتا في حكم البلاد ... ولا يجوز أن يكون للمعارضة جناحان ، جناح مع الحكومة والجناح الآخر ضد الحكومة ... والأسباب التي أدت تلك الأحزاب للدخول في مشاركة مع الحكومة هي نفسها التي يجب أن تدخل المعارضة الأخرى مع الحكومة . نأمل أن نرى بلادنا متوحدة ... وتتحدى كل المخاطر المحدقة بها . والله الموفق وهو المستعان