شيخ علي عندما يتحدث يهز الكون.. ويملأ الدنيا ويشغل الناس بحديثه الطروب وببلاغته المتناهية الجمال.. وبوضعه النقاط فوق الحروف.. وعندما يصمت شيخ علي أيضاً يهتز الكون, ويشغل الناس حكومة ومعارضة, ويتساءل الجميع حكومة ومعارضة.. ماذا وراء صمت شيخ علي ؟! والرجل الوحيد الذي نستطيع أن نقول أن في صمته ذهباً هو شيخ علي.. وشاركه في هذا الصمت هذه المرة السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير.. عندما صمت عن الحديث عن المحاولة الانقلابية.. لم يتركوا له ما يقول.. وعندما تحدث شيخ علي قبل أيام للتلفزيون القومي في حوار أجراه شيخ الاعلاميين وأستاذهم البروف علي شمو.. أحد رموز الاستنارة الاعلامية والصحفية.. أذهل الجميع.. ووجود محاور ذكي.. وصاحب تجربة مثل البروف شمو مع رجل في قامة الأستاذ علي يعني ان للحوار قيمة نادرة.. يجب اعتباره ورقة عمل للدولة .. شيخ علي امتاز حديثه بالشفافية.. وبوضع النقاط فوق الحروف, في زمن تمر فيه البلاد بتحديات كبيرة ظل كثير من الناس يتحدثون من بعيد.. عن تلك التحديات متجنبين الوضوح والشفافية, بل متجنبين وضع النقاط فوق الحروف .. ما طرحه شيخ علي في ذلك الحوار المهم يصلح أن يكون برنامجاً للعمل ووثيقة تاريخية تحفظ, ويحافظ على ما جاء فيها.. لقد كان شيخ علي واضحاً في الاجابة على كافة الأسئلة والقضايا التي طرحها عليه الخبير الاعلامي البروف علي شمو.. والحوار مع شيخ علي بالفعل كان يحتاج الى رجل في قامة وامكانيات البروف علي شمو.. من أهم ما أعلنه النائب الأول في ذلك الحوار التاريخي هو الكشف عن منظمات سودانية تتعامل مع المخابرات الأمريكية.. ونحن نطالبه بضرورة الكشف عنها, حتى لا يشمل الاتهام كل المنظمات التي تعمل في حقوق الانسان والدراسات وغيرها, وحتى لا يصبح حديثه مثل حديث السيد وزير العدل والذي سبق أن أعلن ان هناك تجاراً يتعاملون بشكل غير قانوني ووعد بالكشف عنهم ولم يحدث حتى الآن كذلك وعد عن الكشف عن تجميد أرصدة بعض السودانيين ولم يعلن عن تلك الأسماء .. حتى جعل الشعب السوداني يخمن وجود بعض الشخصيات صاحبة الأموال الكثيرة وقبله كان ابوقناية الذي أعلن عن رجال تجاوزوا ووعد بكشفهم ولم يحدث حتى الآن.. «بالمناسبة أين السيد ابوقناية ولجنته»؟ هذه هي مشكلة هذا البلد, في اللجان التي تشكل ثم تقتل القضية بالصمت..! ومجالس المدينة تتحدث يومياً عن الذين أشار اليهم السيد النائب الأول.. إلا انه لم يكشف عنهم حتى الآن.. السيد النائب الأول أكد أن السودان سيظل يدفع فاتورة مواقفه العربية حتى ولو جافاه الآخرون, وهذا موقف مبدئي وشجاع دون أن يفصل في الأمر, لأن التفصيل قد يؤذي هذا الموقف المبدئي.. السيد النائب أشار الى ان النيل الأزرق كان مدخلاً لتشكيل هوية السودان الحديث ببناء السلطنة الزرقاء وكذلك في تشكيل حاضر البلاد الآن, وأكد ان النيل الأزرق كان عنفوان التاريخ وعنفوان الحاضر.. وأشاد سيادته بصبر المواطن السوداني لتحقيق أحلامه في التنمية.. وتحدث عن التلاحم الذي عبرت عنه مشاركة المنظمات والصناديق العربية المالية والبيوتات التي شاركت في انجاز هذا المشروع الكبير.. وكانت مشاركة فعالة في بناء التنمية الناهضة للسودان وللأشقاء العرب.. كما أشاد سيادته بافتتاح تعلية السد.. بأنه تتويج للحضور القوي للسواعد الانسانية وقدرات الشباب على تطوير التكنولوجيا ووصفها بالملحمة الهندسية التي أكدت أن شباب السودان قادرون على دحض كل الافتراءات التي تزعم عجز الذهنية السودانية.. السيد النائب أكد أن دعوة الرئيس البشير لكل الأحزاب وحملة السلاح والمنظمات للمشاركة في وضع الدستور الدائم للسودان بأنها تمثل رغبة صادقة في تجاوز الصراع حول السلطة, والحرص على وحدة البلاد وتأمين المستقبل, مؤكداً قناعة النظام والحكومة والدولة من خلال هذه المبادرة انها باتت الطريق الى المشاركة وتبادل السلطة هو الحوار السياسي.. وهذا تأكيد قوي لطرح السيد رئيس الجمهورية ودعوته للأحزاب السياسية وحملة السلاح للمشاركة في وضع الدستور ويأتي هذا كما ذكر السيد النائب في التأكيد على تنفيذ الثوابت الوطنية التي يمكن ان تشكل خط أمان للممارسة الديمقراطية مؤكداً ان الحكومية تريدها قوية من خلال توافق سياسي ينمو بالتعددية السياسية.. ودعا سيادته لأن يأخذ الجميع هذه الدعوة بجدية كاملة ومن حيث الاهتمام لأن فيها المخرج.. وأجمل ما قاله النائب الأول رغم ان كل ما قاله كان جميلا ورائعا .. هو تأكيده على فتح الباب على العدالة الاجتماعية والمشاركة السياسية والمشاركة في مستقبل الأجيال.. هذا ما يريده الشعب بحق وحقيقة.. ودائماً عودنا النائب التحدث بلغة جديدة وبمفردات حديثة, ويعبر بشكل عظيم عن أشواق وأماني هذا الشعب العظيم.. كان الحوار .. بكل ما احتواه من شفافية, والحديث عن قضايا مهمة .. محل اهتمام كل من شاهده ولم يحدث ان التف الشعب السوداني لحوار سياسي بالشكل الذي التف حول حوار النائب الأول.. ولم يخلُ حوار النائب الأول من وعد بفتح أفق العلاقات الاقليمية والدولية مؤكداً انها ساحة لحوار غني ومتعدد لا يقف على السياسة ولكنه يشمل كل مكونات المجتمع.. وعندما يتوقف النائب الأول لفترة طويلة عن الحديث أو الحوارات السياسية.. وأول فرصة يحلق الرجل الى آفاق عالية وبلغة وأدب سياسي رفيع وعظيم.. وهذا هو شيخ علي عندما يحلق, وعندما يتحدث في ظل التحديات الكثيرة التي تواجه الوطن, وهو يسحر كل من يستمع اليه بجميل الكلام وعظيم اللغة والعبارات الأنيقة والحاسمة والقوية.. وتعرض النائب الأول للقاء البشير وسلفاكير.. أمس الأول «الجمعة» بأديس أبابا.. مؤكداً بأنه الرغبة الحقيقية التي يحتاج إليها كل أهل السودان مؤكداً كذلك ان الحكومة تتطلع لحوار آمن مع الجنوب وقال ان الرئيس البشير قد عبر عن هذه الرغبة وانه شعور كل مواطن يرغب في الاستقرار من أجل أن يحقق الرخاء وتبادل المنافع .. وخاطب سيادته الفريق سلفا كير قائلاً : ما يربطنا بالجنوب رغم الانفصال السياسي لا يزال كبيراً وهو قادر على أن يحدث هذا الاختراق.. النائب الأول ركز بشكل واضح على أهمية فك الارتباط بين الجيش الشعبي والفرقتين التاسعة والعاشرة حتى يصبح الترتيب الأمني شاملاً.. وأكد النائب الأول ان الميزانية أجيزت بعجز, لكن أكد ان الميزانيات طوال تاريخ السودان تجاز بعجز, وهناك تحدٍ بأن يبذل جهد اضافي لزيادة الايرادات ولكن بدون فرض ضرائب جديدة.. وأطلق النائب الأول تعبيرات أنيقة ومتوازنة للميزانية اذ وصفها بالمتقشفة والمحافظة والمتحفظة واكد انها يمكن ان تخرج من هذا المثلث بالانتاج ورفع كفاءته مؤكداً ان البرنامج الثلاثي الاقتصادي الذي بنيت عليه الموازنة قابل للتحقيق.. وكشاهد على العصر أكد النائب الاول ان معاداة الغرب للسودان ليس نتاج سياسة الحكومة الحالية أو التشدد.. مؤكداً ان الغرب أدار ظهره للسودان منذ المصالحة الوطنية في عهد نميري وقبل تطبيق الشريعة الاسلامية.. قائلاً انه شاهد على العصر .. النائب الاول حلق في محور آخر.. اذ أكد ان الحريات قناعة لدى الحكومة ولكن في كل حالة هناك جدلية بين الحرية والمسؤولية تنبسط وتنقبض بظروف المتغيرات.. النائب كان يطرب المشاهدين بين لحظة وأخرى باستحداث مفردات وصور جديدة لم يعرفها المشاهد السوداني لدى كثير من المسؤولين.. وفي قضية الدستور اكد سيادته بأنه لا حجر على رأي ولا استثناء لفئة ولا حجر لجهة حتى لو نادت بالدستور العلماني.. طالما هو مطروح على الطاولة.. وهكذا دائماً شيخ علي يتحدث في السياسة وكأنه يقول شعراً.. ولديه مفردات ساحرة تطرب السامع والمشاهد.. التحية لك أيها الرجل النبيل ومزيداً من الابداع في الخطاب السياسي..