بالأمس قلنا إن كثرة القنوات السودانية الفضائية فيها رحمة للمشاهد لأنها أعطته بدائل وخيارات أوسع إلا في الدراما، فعشاق الدراما عليهم عدم الاقتراب من التلفزيونات السودانية اللهم إلا في حالة أن هذه القنوات السودانية تقوم ببث المسلسلات العربية ولكن في برامج المنوعات نحسب أن هذه القنوات قد نجحت في استبقاء المشاهد أمام شاشاتها. ففي فترة ما بعد الإفطار نجد انفسنا أمام برامج منوعة غنائية خفيفة في أربع قنوات سودانية، فالقناة الاتحادية لديها فترة مفتوحة خفيفة الظل تستضيف فيها شخصيات اجتماعية وتتخللها أغانٍ وطرائف ومحطات خارجية تتسم بسرعة الإنتقال من مشهد الى آخر. أما قناة (الشروق) فتقدم برنامجاً اسمه (سر الغنا) يتناول في كل حلقة مسيرة فنية لأحد الرموز وهذا البرنامج معد إعداداً جيداً كما أن المذيعة سلمى سيد لها حضور ممتاز واستعداد طيب. قناة (هارموني) تقدم برنامجاً باسم (تلاتة عليك) تستضيف فيه عفاف حسن أمين وجمال حسن سعيد ومحمد المهدي الفادني ضيفاً من الرموز الاجتماعية ومعهم فنان، وجود النجوم الثلاثة في البرنامج أضفى عليه تخمة وجرعة زائدة وبدت الصورة وكأنها مقلوبة إذ كان يجب أن يكون الضيف من شاكلة أحد النجوم الثلاثة ويجتمع عليه ثلاثة مقدمون ويحاصر بالأسئلة والمفارقات ولكن يبدو أن الجعيلي أراد أن يحرز أهدافاً في شباك القنوات الأخرى فلعب بثلاثة مهاجمين صريحين. أما قناة (النيل الأزرق) فقد واصلت تألقها عند المغربية الرمضانية بتقديمها للساحر العجوز الفنان المبدع السر قدور لثلاث سنوات على للتوالي وهذا الإنفراد مازال مستمراً لقناة النيل الأزرق هذا البرنامج عبارة عن جلسة فنية جمعت فنانين من أجيال مختلفة شرحبيل أحمد وصلاح بن البادية واحمد الفرجوني وعاصم البنا وجمال فرفور وسميرة دنيا وأسرار بابكر يتوسطهم هذا الديناصور قدور وهو عبارة عن ذاكرة فنية متحركة فهو شاعر وملحن وصحفي وإذاعي وممثل ومغني أي والله مغني لذلك تجده يمارس كل هذه الأدوار في برنامجه يدهشك بكلامه ومعلوماته الغزيرة وذاكرته الحديدية ويضحكك بضحكاته المجلجلة وقفشاته، يشجيك بغنائه ويمتعك بتلقائيته في التقديم ويجذبك بحسن استماعه وتتمنى أن لا تفارقه الكاميرا في حالة كلامه أو حال صمته. تفرد عمنا أو بالأحرى جدنا السر قدور لا يقلل من أهمية الفنانين الموجودين معه في جلسته الفنية. فهؤلاء الفنانون يغنون وكأنهم في حالة منافسة وكل واحد منهم يريد أن يظهر آخر وأحسن ما عنده لذلك ارتفعت نسبة التطريب في البرنامج ، في هذا العام تنوعت مواضيع الجلسة الفنية فأحياناً تكون عن شاعر وأحياناً عن ملحن وأحياناً عن مغنٍ بل أحياناً تكون عن كلمة واحدة مثل تلك التي تناولت مفردة الظلم في الأغنية السودانية «ظلموني الحبايب وقالوا لي أنسى» فقد كانت في منتهى الروعة.. في تقديري أن الفنانين الشباب المشتركين في هذا البرنامج محظوظون لاقترابهم من هذه الكبانية وستكون هذه نقطة تحول في مسيرتهم الفنية. أما الفنانان الكبيران شرحبيل وود البادية فلابد من الإشادة بتواضعهما ودماثة خلقهما وأدبهما الجم فوجودهما ارتفع بقدر الجلسة الى درجات عالية.