ما زالت مفاجآت دولة جنوب السودان (الوليدة ) للدولة (الام) تتوالي، فبعد يومين من اعتراف السودان بانفصال الجنوب وقيام دولته المستقلة، لجأت الدولة الوليدة لاعلان عملتها الجديدة رغم اتفاقها مع الدولة الام على الاستمرار في وحدة نقدية لمدة ستة اشهر بعد الانفصال، لتبدأ حرب اقتصادية استمرت بين البلدين باعلان مفاجئ من دولة الجنوب بايقاف تصدير نفطها عبر الاراضي السودانية، بل انتقلت الى حرب مسلحة بعد احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج النفطية بولاية جنوب كردفان، ليعود البلدان تحت ضغوط مجلس الامن والمجتمع الدولي الى مائدة التفاوض باديس ابابا ويتفق البلدان على تعاون شامل من (8) اتفاقيات ، ولكنها لم تنفذ نتيجة لتعنت الجنوب في فك ارتباطه بقطاع الشمال المتمرد على الحكومة السودانية لتنفض مفاوضات اديس ابابا الاسبوع الحالي دون التوصل لاتفاق على تنفيذ الاتفاقيات، لتأتي مفاجأة جديدة غير سارة من دولة الجنوب باعلان اتفاقها على بيع نفطها لاسرائيل، في توقيت ينسف الاستمرار في المفاوضات بين البلدين باديس ابابا ويحرج الحكومة السودانية التي ترفض التطبيع مع اسرائيل باعتباره كياناً محتلاً للاراضي العربية ، بينما يصبح الباب مفتوحاً امام كل الاحتمالات بشأن مفاوضات اديس والعلاقات بين جوبا والخرطوم، بينما يرى خبراء القانون والنفط والسياسة ان من حق دولة الجنوب المستقلة بناء علاقات مصالح مع اية دولة طالما هي ذات سيادة على اراضيها ، كما يؤكد الخبراء ذات الحق لحكومة السودان في رفضه لتصدير نفط الجنوب عبر اراضيه الى اسرائيل كدولة معادية ، بينما انتقد الخبراء اغفال اتفاق اديس ابابا للضمانات بشأن الدولة التي تشتري نفط الجنوب او النص على وسيط مقبول للطرفين لبيع نفط الجنوب. ووصف د.غازي سليمان المحامي اتفاق دولة الجنوب على بيع نفطها الى اسرائيل بانه (أمر طبيعي) فدولة الجنوب صنيعة اسرائيلية ، كما انه من حق الجنوب كدولة ذات سيادة ان تبني مصالحها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية مع من تشاء من الدول ، وليس من حق السودان التدخل في هذه السيادة . وحول الحق القانوني الذي يكفل للسودان رفض تصدير نفط الجنوب عبر اراضيه لاسرائيل بعد اغفال اتفاق اديس ابابا لتحديد الدولة المشترية او وسيط محايد قال د.غازي ان المجتمع الدولي اليوم لا تحكمه القوانين وانما يحكمه الاقوياء وشريعة الغاب، واتفاق النفط بين السودان وجنوب السودان ينص على عبور النفط عبر الاراضي السودانية ومسؤولية النفط في الباخرة هي مسؤولية دولة الجنوب الى أين تتجه هذه الباخرة الى اسرائيل او غيرها ، والسودان ليس لديه حق الرفض او تحديد لمن تبيع دولة الجنوب، وانما من حقه بموجب السيادة ان يرفض تصدير نفط الجنوب عبر اراضيه الى اسرائيل . وأضاف د.غازي في حديثه ل(الرأي العام) : النقطة المهمة بين السودان وجنوب السودان تنحصر في نقل بترول الجنوب عبر الاراضي السودانية الى ميناء الصادر وبعد ذلك حكومة السودان غير مسؤولة عنه . وعضد الاستاذ السر سيد احمد الخبير في مجال النفط القول ان دولة الجنوب دولة مستقلة وذات سيادة ومن حقها ان تبني علاقات مع من تريد ، كما ان القانون يمنح ذات السيادة للسودان ببناء علاقات من مع يريد وممارسة السيادة على اراضيه برفض اتفاق عبور نفط الجنوب عبر اراضيه الى اسرائيل كدولة معادية .واضاف السر في حديثه ل(الرأي العام) : ولكن تبقى هنالك عدة اسئلة حول : هل اتفاقية اديس حظرت تصدير نفط الجنوب الى اسرائيل عبر الاراضي السودانية او تحسب لهذا بالنص على وسيط محايد لتسويق النفط ؟ وهل هنالك مقاطعة مع اسرائيل ؟ هذه الاسئلة وغيرها تبحث عن اجابة ، ولكن الاجابة الاكيدة ان السودان من حقه بموجب القانون وسيادته على اراضيه ان يرفض هذا الاتفاق وان يمنع تصدير نفط الجنوب الى اسرائيل عبر اراضيه. وفي ذات السياق يرى د.عادل عبد العزيز الخبير الاقتصادي المعروف ان اتفاق الجنوب على بيع نفطه لاسرائيل يحمل رسائل مباشرة للسودان بان المصالح الاقتصادية هي التي تلعب الدور الاكبر في العلاقات بين الدول ، وان الوجود الاسرائيلي في الجنوب الجغرافي ذي اثر استراتيجي ضخم على السودان ويمكن ان يؤثر على الموارد التي كانت ممكن ان تكون مصالح بين السودان وجنوبه . وحول توقيت اعلان اتفاق جوبا وتل ابيب بعد انفضاض اجتماعات اديس دون اتفاق قال د.عادل : هذا الاتفاق يحمل رسائل من جنوب السودان بان هنالك خيارات اخرى للاقتصاد والنفط الجنوبي وليس السودان الخيار الوحيد وبالتالي هذا يؤدي الى تعنت الجانب الجنوبي في مفاوضات اديس ابابا ما لم تؤخذ الامور بحكمة وعمق وسنفقد التعاون والتعامل مع الجنوب . وحول اغفال اتفاق اديس ابابا او تحسبه لمثل هذا الاتفاق قال د.عادل ان اتفاق اديس ليس له علاقة بمشتري نفط الجنوب وانما ينظم العلاقة بشأن عبور النفط للأراضي السودانية واستخدام الموانئ فقط ، وليس هنالك مبرر لاعادة فتح الاتفاق من جديد للتفاوض للبحث عن طرف ثالث يدخل كوسيط لتصدير نفط الجنوب عبر الاراضي السودانية لاسرائيل ، خاصة وان القوانين السودانية تحظر على الطائرات والبواخر الاسرائيلية الرسو على الموانئ السودانية او الهبوط في المطارات . وحول حق السودان في رفض هذا الاتفاق بين جوبا وتل ابيب قال د.عادل اولاً :ان السودان ليس من حقه التدخل في حق الجنوب كدولة ذات سيادة في لمن تبيع نفطها ، وثانياً ليس من مصلحتنا ترك اسرائيل للانفراد بمصالحها مع الجنوب ، فالسودان يتعامل مع دول كثيرة لدى اسرائيل علاقات تعاون معها ولا يوجد ما يمنع ذلك ولا يوجد تدخل في شؤون تلك الدول . وحول انتهاك هذا الاتفاق لسيادة السودان على موانئه بتصدير نفط الجنوب لاسرائيل قال د.عادل ان السودان تحظر قوانينه رسو البواخر الاسرائيلية على موانئه ، واذا كان هنالك طرف ثالث لتصدير نفط الجنوب فالسودان غير معني الى من يتجه نفط الجنوب . وفي السياق أكد العبيد مروح الناطق باسم وزارة الخارجية انه حتى الآن لم يتم التأكد من صدقية الاتفاق بين جوبا وتل ابيب على بيع نفط الجنوب لاسرائيل ، واضاف العبيد في حديثه ل(الرأي العام) اذا تأكدنا من صحة الاتفاق فبعد ذلك ل(كل حدث حديث).