كتبت بالأمس عن أوجه الشبه بين المعارضة المصرية والسودانية وخلصت إلى قواسم مشتركة بينهما ،فجبهة الإنقاذ المصرية المعارضة تشبه تحالف المعارضة السودانية في مطالبتها بحكومة انتقالية ودستور جديد كشرط للمشاركة في الانتخابات النيابية القادمة، وهي ذات الشروط التي ظللنا نسمعها للمعارضة السودانية في الدعوة إلى فترة انتقالية وثقتها في وثيقتها المسماة بالفجر الجديد، وحددت مدتها بأربع سنوات كشرط لقيام انتخابات تشرف عليها هي بنفسها ،كما تتفق المعارضتان المصرية والسودانية في المطالبة بدستور جديد وإعاقة الوصول إلى هذا الدستور الجديد في الوقت ذاته ،فمعارضة مصر كادت تعيق إعداد الدستور عبر السلطة القضائية ولما فشلت سيست القضاة وطالبتهم بالمقاطعة لإعاقة الاستفتاء على الدستور عندما لا يتوافر العدد الكافي من القضاة ليشرف على عملية الاستفتاء في مراكز التصويت ،ولما فشل ذلك دعت إلى مقاطعة الاستفتاء ثم عدلت عنها إلى المشاركة من أجل هزيمته ،ولما فشلت كل هذه الخطط ،عمدت إلى رفض النتائج والقدح فيها والمطالبة من جديد بدستور جديد ،والمعارضة السودانية ظلت تنادي بدستور جديد يقر بطريقة ديمقراطية حتى إذا جاءت حكومة انتقالية شاركت فيها مشاركة رمزية بالتعيين وفي برلمان معين ،وعندما اقتضت مصلحة الحركة الشعبية والقوى الإقليمية التي تقف من ورائها أن تقر بالدستور الانتقالي الذي أجازه البرلمان المعين أقرت به، بالرغم من أن ثلاثة أرباعه كانت موجودة في دستور التوالي المشهور ورفضته من قبل ،وعندما كانت دعوة الرئيس السوداني للقوى السياسية للمشاركة والتفاكر في صياغة دستور دائم للبلاد ،كان الرفض هو سيد الموقف من قبل أحزاب المعارضة حتى إذا تم التوافق بين عدد من أحزاب الحكومة على دستور جديد ،أعلنت المعارضة رفضها لذلك الدستور ومطالبتها واشتراطها من جديد وجود دستور جديد للمشاركة في العملية السياسية ،تكاد تكون نقطة التلاقي بين المعارضتين محاولة الوساطة التي قادها الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة للتوسط بين الإسلاميين الحاكمين في مصر والمعارضة المصرية باسم منبر الوسطية الذي يقوده ،وقد كان ميله واضحا نحو موقف المعارضة المصرية الرافضة لمشروع الدستور المصري مما أفشل مبادرته في مهدها .لقد حملت الأنباء أن لقاءً سرياً تم في الأيام الماضية بمنزل مرشح رئاسة الجمهورية السابق كامل إدريس وبمبادرة منه جمع د. حسن الترابي الأمين العام للمؤتمر الشعبي والصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي بهدف بناء تحالف ثنائي بين الشعبي والأمة في المرحلة المقبلة لقيادة أحزاب تحالف قوى الإجماع باعتبارهما روح التحالف حالياً. وأن كامل إدريس شدد على ضرورة إيجاد علاقة ثنائية بين الأمة والشعبي باعتبارهما الأكثر شعبية والأكثر تنظيماً ومقدرة على إسقاط النظام، وأنه أشار إلى التقائه البريطانيين والأمريكان الذين أكدوا له ضرورة ذهاب النظام القائم في الخرطوم. ما نسب للترابي لمقربين قوله عقب الاجتماع إن الصادق المهدي يريد بخطوته تلك التقارب من الشعبي ليساعده في إعادة هيكلة التحالف ويخدم أجندته، و أن كامل إدريس مدفوع من أمريكا وبريطانيا ولديه علاقات مع أجهزة مخابراتهما لأنه يريد أن يكون رئيساً للسودان للفترة الانتقالية القادمة باعتباره شخصية قومية، لذلك أراد أن يضمن تأييد الشعبي والأمة له، بينما يريد الصادق إعادة هيكلة التجمع وعزل فاروق أبو عيسى ليقود الصادق المعارضة الداخلية بنفسه. حاشية: يطل وجه شبه جديد بين المعارضتين المصرية والسودانية، حيث يحاول كامل إدريس الأمين العام السابق لهيئة أممية تتبع للأمم المتحدة توحيد قوى المعارضة خلفه وقيادتها ليصبح رئيسا للفترة الانتقالية مثلما فعل بالضبط الدكتور البرادعي الذي كان يقود هيئة أممية تتبع للأمم المتحدة في جمع المعارضة المصرية حوله وتقديم نفسه كبديل لرئاسة الفترة الانتقالية عقب سقوط مبارك ،وهذا مفاده أن العقلية والجهة المخابراتية التي تدير مخططات التدخل في السودان ومصر هي ذات الجهة وتستخدم سيناريوهات مماثلة.