محمود العبيد إبراهيم أحد الرجال الذين خدموا السودان من خلال عمله في جهاز الشرطة ... كان رجلاً نبيلاً من أشجع رجال السلطة ، ثم كان فقيهاً وصالحاً وكان حلال مشاكل بالحي ... وكان محبوباً من جيرانه ومعارفه ، كانت المسبحة لا تفارق يده حتى وهو في لحظات العمل . كان باراً بأولاده وأسرته ومعارفه وأهله ... كان نقياً وتقياً ... يداه تمتدان مثل نهر النيل لإغاثة الملهوف وحل مشاكل المحتاج ، كان يعتبر كل الجيران أهله وكانت العلاقة بينه الجيران علاقة أهل مرتبطة بالوفاء والإخاء الصادق . كان محمود العبيد الذي غيبه الموت الأسبوع الماضي أحد أهم رموز سكان القسم الشمالي بأم درمان ... حيث كان من أوائل سكانها مع الراحل إدريس سليمان والحاج وراق عبد الرحمن وإبراهيم الشيخ وآدم عمر ويوسف محمد سرور وقسم السيد علي عمران والآخرين كثر لا يسع المجال لذكرهم . الراحل محمود العبيد رزقة الله بعدد من البنين والبنات وجميعهم وفقهم الله سبحانه وتعالى واصبحوا بارين بأبيهم وأمهم التي نسأل الله لها الرحمة كذلك. والراحل محمود العبيد ... كان نزيهاً في عمله الشرطي وكان كريماً في منزله ... وحسن الأخلاق في عمله ... وفي شهر رمضان المبارك كانت صينية فطورة أول الصواني التي تخرج إلى الشارع للإفطار الجماعي وكان يصر على منادة الذين يسيرون أثناء موعد الإفطار ويجبرهم على الإفطار مع المجموعة المكونة من الجيران. وكان أباً عطوفاً للجميع .. لم يكن يفرق بين أولاده ... وأولاد الجيران .. وكان حكيماً في آرائه وصاحب مصداقية عالية . الراحل العم محمود العبيد شخصية عسكرية وإنسانية لا تتكرر ، وكان مكان تقدير كل الذين عملوا تحت قيادته من شرطة القسم الشمالي بأمدرمان ، بكاه جميع الذين أتوا من كل فج عميق ، والجيران القدامى الذين سارعوا إلى منزله لأنه كان أباً للجميع . وطيبة أهل الشمالي أمدرمان لم أرِ أطيب منها إلا طيبة أهل كوبر ، ساعة الغداء يتبادل الجيران ما طبخوه لذلك نجد الصينية الواحدة في كل بيت بها شتى أنواع الأكل ... أي تكافل هذا وأي كرم هذا !! كان مجتمعاً مترابطاً ومجتمعاً أخوياً ... يعتقد الزائر إلى أحد المنازل أن هذه المجموعة من أسرة واحدة ومن منطقة واحدة بالرغم من أنهم كانوا خليطاً من الجعليين والشايقية والرباطاب ، كوكتيل غريب ... خلق إلفة بين سكانه و كانوا جميعاً من طبقة واحدة ... أي من طبقة اجتماعية واحدة . رحم الله الجاويش محمود العبيد إبراهيم ... صاحب أنصع سجل في شرطة أمدرمان ، الذي كان يحمل الرقم (404) على صدره .