تمثل القمة التى شارك فيها امس زعماء فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا، بجانب رؤساء المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروسو والمجموعة الأوروبية جان كلود يونكر والبنك المركزي الأوروبي جان كلود تريشيه فى باريس لبلورة موقف أوروبي مشترك من الأزمة المالية العالمية، تمثل اولى تجليات تداعيات الازمة الاقتصادية الامريكية على العالم ،---------------- ويأتى انعقاد القمة بعد يوم واحد من توقيع الرئيس الأميركي على خطة انقاذ المصارف بعد إقرارها في مجلس النواب الامريكى ، فى وقت ابدت فيه البورصات العالمية تفاؤلاً حذراً بامكانية انقشاع سحابة الازمة المالية، وحتى يتم التدارك العاجل للازمة دعا وزير الخزانة الامريكية الى التطبيق السريع ل(قانون دعم الاستقرار الاقتصادي العاجل 2008) الذى وقعه الرئيس بوش يوم الجمعة، وتبلغ كلفة إنقاذ النظام المالي التى اقرها القانون (700) مليار دولار، وهى محاولة لاحتواء آثار الأزمة التى خلفها إفلاس بنك واشنطن ميوتشوال الذي يعد أحد أكبر مصارف التوفير والقروض في الولاياتالمتحدة. وكاد اعتراض مجلس النواب على خطة الانقاذ والمطالبة بتعديلات عليها يدخل الولاياتالمتحدة والعالم فى نفق ازمة اقتصادية كبرى، وبعد طول ترقب لاسيما من البورصات العالمية صوَّت النواب الجمعة على صيغة جديدة معدلة بعد مرورها في مجلس الشيوخ اضيف اليها حوالى (150) مليار دولار كقروض على الضرائب ومساعدات اخرى.وكان مجلس الشيوخ الاميركي اقر الخطة الاربعاء. ورحب الرئيس بوش فور انتهاء التصويت باقرار مجلس النواب الخطة، واعداً بنشر القانون في اسرع وقت ممكن وواصفاً اياه بالحيوي «لمساعدة الاقتصاد الاميركي على تجاوز العاصفة المالية». ويستغرق الاجراء الروتيني المتمثل بانتقال مشروع القانون من الكونغرس الى البيت الابيض عادة بضعة ايام، الا ان المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو قال بعد انتهاء التصويت في مجلس النواب «اعلم ان مكتب الكونغرس سيعمل على وصوله الى هنا في اسرع وقت ممكن». ووعد وزير الخزانة هنري بولسون بدوره بالتحرك «بسرعة» لتطبيق خطة الانقاذ المالي التي اقرها الكونغرس.وقال بولسون للصحافيين بعيد اقرار مجلس النواب خطته المعدلة «انا ممتن جداً لاقرار هذا القانون اليوم. انه بالفعل امر جيد جداً»، مضيفاً «سنعمل بسرعة من اجل وضعه موضع التنفيذ».واضاف ان «هذا التصويت كان مهماً جداً. انه يحمي الاميركيين، ويحمي وظائفهم ورفاهيتهم. كما يحمي الشركات الصغيرة والمدخرات. كان تصويتاً مصيرياً». وفي بيان صادر عن مكتبه، اوضح بولسون ان الوزارة، وان كانت ستعمل بسرعة، الا انها ستعمل ايضاً «بمنهجية». وفى التداعيات الدولية للازمة المالية الامريكية اعتبر وزير المالية الألماني بير شتاينبروك أن الولاياتالمتحدة تتحمل مسؤولية الأزمة المالية العالمية الراهنة التي قال إنها ستخلف آثارا عميقة وستحدث تحولات في النظام المالي العالمي.وقال شتاينبروك في بيان حكومي أمام البرلمان (البوندستاغ) «العالم بعد الأزمة لن يكون كما كان قبلها» مشيرا إلى فقدان الولاياتالمتحدة «صفتها كقوة خارقة في النظام المالي العالمي». وألقى شتاينبروك باللوم في الأزمة على عاتق واشنطن فيما وصفها ب»حملة إنغلوساكسونية لتحقيق أرباح كبيرة ومكافآت هائلة للمصرفيين وكبار مديري الشركات. وفى باريس اثار المعهد الوطني الفرنسي للاحصاءات والدراسات الاقتصادية المخاوف من امكانية دخول فرنسا هذا الخريف مرحلة انكماش اقتصادي على خلفية الازمة المالية العالمية، وذلك بعد اعلان المجموعات الصناعية الكبرى الغاء العديد من الوظائف. وبحسب ارقام المعهد الوطني للاحصاءات والدراسات الاقتصادية الصادرة الجمعة، فان فرنسا التي تعتبر القوة الاقتصادية الثانية في منطقة اليورو ستشهد تدنيا في ناتجها الاجمالي الداخلي بنسبة (0.1%) في الفصلين الثالث والرابع من السنة بعد تراجع بنسبة (0.3%) في الفصل الثاني.ويحدد الانكماش عمليا بتراجع في اجمالي الناتج الداخلي لفصلين وما فوق على التوالي، وهو امر لم يحصل في فرنسا منذ 1993م، وفيما اكتفت صحيفة لو فيغارو المحافظة بالاشارة الى ان «الانكماش يفتتح المناقشات حول خطة انعاش اقتصادي»، كانت صحيفة ليزيكو الاقتصادية حازمة اكثر اذ اعتبرت ان «فرنسا انتقلت الى مرحلة الانكماش» وعنونت صحيفة ليبراسيون اليسارية «والآن الانكماش». ورأت وزيرة المالية كريستين لاغارد الجمعة ان «خطر تسجيل نمو سلبي في الخريف للفصل الثاني على التوالي بات حقيقيا». وبذلك ستطال الازمة المالية العالمية مباشرة الفرنسيين بعدما عانوا لاشهر من تراجع قدرتهم الشرائية وبات (86%) منهم بحسب استطلاع للرأي نشرت نتائجه الجمعة يخشون من انعكاس هذه الظروف الاقتصادية على صعيد البطالة.ويتوقع المعهد الوطني للاحصاءات والدراسات الاقتصادية في احصاءاته الغاء 52 الف وظيفة خلال النصف الثاني من السنة فيما ستتراوح نسبة البطالة بين (7.4%) و(7.2%) في الفصل الثاني.واعلنت شركات صناعية فرنسية كبرى اخيرا عن تخفيض أليم في عدد الموظفين وقد اعلنت شركة رينو للسيارات الشهر الماضي الغاء ستة آلاف وظيفة في اوروبا، كما اعلنت مجموعة الادوية سانوفي-افنتيس الخميس تسريح (927) موظفاً. وتحاصر الادارة الامريكية الحالية جملة من الازمات الاقتصادية وبالتزامن مع الازمة المصرفية كشفت تقارير صحفية عن خفض اصحاب الاعمال في الولاياتالمتحدة الوظائف باكبر وتيرة منذ خمس سنوات ونصف السنة خلال شهر سبتمبر الماضي، اذ بلغ الانخفاض (159) الف وظيفة في القطاعات غير الزراعية مع انكماش سوق العمل للشهر التاسع على التوالي. وقالت وزارة العمل ان معدل البطالة استقر من دون تغيير على (1.6) في المائة، وجاء الانخفاض في الوظائف اكبر مما توقعه خبراء الاقتصاد في استطلاع اجرته وكالة رويترز، اذ بلغ متوسط التوقعات للانخفاض (100) الف وظيفة. وبقراءة امس فى مؤشرات اسواق المالية العالمية لوقوف المشهد الاقتصادى بعد المسكنات الامريكية المتمثلة فى خطة الانقاذ التى اجازها الكونغرس ووقعها الرئيس بوش وفى القمة الاوربية التى يتوقع ان تكون قد بلورت امس الخطة الامريكية لانقاذ الاقتصاد العالمي نلاحظ تراجع البورصات الأميركية والآسيوية وارتفاع الأوروبية. حيث أغلقت بورصة وول ستريت في نيويورك على تراجع ملحوظ وسط إقبال المتعاملين على موجة بيع لجني الأرباح، لتنهي أسوأ أسبوع لها منذ سبع سنوات. وكانت أسعار الأسهم قد ارتفعت في اليومين السابقين وسط توقعات بإقرار خطة الإنقاذ، وما إن أقرت هذه الخطة حتى قام المتعاملون بالبيع لتحقيق المكاسب. وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي لأسهم الشركات الأميركية الكبرى ب (155.95) نقطة أي ما يعادل (1.49%). وفقد مؤشر ستاندرد آند بورز (500) الأوسع نطاقا (14.85) نقطة أو (1.33%) وهبط مؤشر ناسداك المجمع الذي تغلب عليه أسهم شركات التكنولوجيا (29.33) نقطة أي 1.48%. وهذا أسوأ أسبوع لمؤشر ستاندرد آند بورز (500) منذ سبتمبر 2001، والأسوأ لمؤشر داو جونز منذ يوليو 2002م أما في أوروبا فقد أغلقت أسواق المال الأوروبية على ارتفاع كبير مدعومة بالتفاؤل بخطة الإنقاذ الأميركية المعدلة، مقتفية أثر موجة صعود حادة في وول ستريت، حيث ارتفع مؤشر يورو فيرست لأسهم الشركات الأوروبية الكبرى بنحو (3%). كما أنهى مؤشر الفاينانشل تايمز تعاملات الأسبوع مرتفعا بأكثر من (2.2%)، بينما اقترب مؤشر كاك الفرنسي من (3%) صعودا عند الإغلاق. وكانت الأسهم الآسيوية قد أغلقت على انخفاض بسبب حالة عدم اليقين بشأن تصويت مجلس النواب الأميركي على خطة الإنقاذ.