فى جولتها الراهنة فى القارة الافريقية تسعى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ضرب اكثر من عصفور بحجر واحد ، فى الدول السبع التى تشملها زيارة الاحد عشر يوماً، تتنوع الملفات، من امنية واقتصادية وانسانية لدرجة يمكن معها القول ان كلينتون ستبدل ليس فقط تصفيفة شعرها كما حدث فى اولى المحطات بنيروبى وأشادت فيها ببراعة مصففى الشعر فى كينيا بل ستبدل حقائبها لتنوع الملفات كما اشرنا ، وتهدف الجولة الى تسليط الضوء على إحدى أهم أولويات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما والمتمثلة في تعزيز استقرار القارة الأفريقية ودعم نموها الاقتصادي، وتنزيل رؤية اوباما الى افريقيا التى اعلنها خلال زيارته لغانا الشهر الماضى، و أبلغ خلالها الزعماء الأفارقة بأن عليهم التصرف بمزيد من المسؤولية مشترطا الحكم الرشيد للحصول على المساعدات الغربية، ولكن هذا الاشتراط وحده لا يكفى فى نظر بعض المراقبين الذين يتهمون بالتساهل مع «الحكام الديكتاتوريين في أفريقيا». ويبدو ان زيارة كيلنتون التى جاءت بعد اقل من شهر من زيارة اوباما التاريخية لافريقيا، جاءت فى اطار صراع خفى بين القوى الكبرى على الموارد والفرص الاستثمارية فى افريقيا، فزيارة كلنتون تأتى بعد زيارة الرئيس الروسى ديمتري ميدفيديف بزيارة مصر، وناميبيا، وأنجولا، ونيجيريا، والدولتان الأخيرتان القاسم المشترك فى الزيارتين وهما من اكبر منتجى النفط فى افريقيا، واللافت ان الرئيس الصينى الذى يشار الى بلاده بانها اصبحت ذات نفوذ متصاعد فى القارة زار فى فبراير الماضى مالي والسنغال وتنزانيا وموريشيوص وليست من بينها دولة غنية بالنفط أو المعادن. حقائب كلينتون توزع بين الشأن الاقتصادى فى استهلال جولتها بنيروبى وحضورها الافتتاح الرسمى لمنتدى قانون النمو والفرص الافريقى، بمشاركة (40) وزيراً للتجارة من البلدان الافريقية التى تتمتع بأفضلية تجارية فى السوق الامريكية العملاقة شريطة ان تؤيد اجراء انتخابات نزيهة واقامة اسواق حرة، والسياسى المتعلق بمراجعة اوضاع كينيا بعيد الانتخابات ولقاؤها المهم بالرئيس الصومالي شريف شيخ احمد واعلان دعمها وتأييدها لحكومته وارسال تحذير شديد اللهجة الى اريتريا من مغبة دعم المتمردين الذين يسعون الى تحويل الصومال الى مركز للارهاب. فى محطتها الثانية وخلال زيارتها لجنوب افريقيا التقت كلينتون بوزيرة الخارجية والرئيس جاكوب زوما والزعيم نلسون مانديلا وكان عنوان الزيارة (اياك اعنى ياجارة) فالهدف هو الضغط على جنوب افريقيا كى تضغط هى بدورها الاقليمى على رئيس زيمبابوي روبرت موغابي لتطبيق الاصلاحات الديموقراطية والاقتصادية فى بلاده وكانت علاقات واشنطون وجوهانسبيرج شهدت فتورا فى عهد الرئيسين السابقين الامريكى بوش والجنوب افريقى تابو امبيكى لعدم ازعان الاخيرة لمطالب واشنطون بلعب دور ضاغط على موغابى بدلا عن الوساطة الحماية لظهره ، ويبدو ان كلينتون نجحت فى مسعاها وتحصلت على اعتراف قوى من وزيرة الخارجية الجنوب افريقية علماً بأن الدولتين أدركتا الآن أن التنسيق لم يكن على اكمل وجه في السنوات الثماني الماضية. فى انغولا ونيجيريا سيكون النفط حاضراً باعتبارهما اكبر مزودين لأمريكا بالنفط من افريقيا ، وسيكون اختباراً صعباً كلينتون ولإدارة اوباما فى التوازن بين الحصول على النفط والفرص التجارية والضغط على نيجيريا وانغولا لمحاربة الفساد وانتهاك حقوق الانسان . برغم ان محطات الكنغو وليبيريا والرأس الاخضر لاتكتسب الاهمية ذاتها لباقى المحطات ولكنها فرصة لوزيرة الخارجية الامريكية كى تظهر التزاما امريكية بقضايا حقوق الانسان والنوع عندما تتفقد مناطق النزاع فى الكنغو التى تتعرض فيها النساء الى الاغتصاب بمعدلات مخيفة وان تظهر دعم بلادها لرئيسة ليبيريا كأول رئيسة منتخبة فى افريقيا .