يعاني الاقتصاد السوداني من تداعيات الازمة المالية العالمية والانكماش الاقتصادي وتراجع الطلب على السلع والخدمات والكساد الذي يخيم على الاسواق، وتراجع اسعارالنفط وتاثيرها على الميزانية الحالية والتي جاء في صلبها عجز يقدر ب(3) مليارات جنيه ليتضاعف الآن بانخفاض اسعارالنفط وتراجع الايرادات والصادرات غيرالبترولية مع زيادة الانفاق العام للدولة والصرف على متطلبات السلام بجانب الارتفاع المستمرلاسعارالدولار مقابل الجنيه وانخفاض الاخير بنسبة (25%) من قيمته وغيرها من التحديات الماثلة،ولكن مع كل تلك التحديات شرعت وزارة المالية فى الاعداد مبكراً لموازنة العام المالي 2010م من خلال تشكيل اللجان المختصة باعداد المجهات العامة للموازنة لدراسة السياسات المالية للسنوات الخمس الماضية ،وامكانية تجاوزالسلبيات فى الموازنات السابقة الى جانب التركيزعلى جذب الاستثمارات الاجنبية كما دخلت عملية اعداد الموازنة الجديدة مرحلة مهمة بعرضها على المجلس الاستشاري لوزير المالية، وولاة الولايات واتحاد اصحاب العمل السوداني والقطاع الاقتصادي بمجلس الوزراء تمهيداً لاصدار منشور الموازنة والذي تبدأ بموجبه الوحدات الحكومية والهيئات والوزارات في اعداد مقترحات ميزانياتها للعام الجديدة. وبينما طرح القطاع الخاص رؤيته بوضوح للعام المقبل والتي طالب باستيعابها في الموازنة الجديدة بالتركيز على تفادي السلبيات التى صاحبت الموازنات السابقة، وتجاوز تداعيات الازمة العالمية وتشجيع القطاع الخاص ودعمه ومراجعة حوافز الاستثمار وسداد الدين الداخلي، والتركيز على الاستمرار في تمويل مشروعات التنمية دون تأثرها بالتوقف جراء اية ازمة مالية وحماية الانتاج الوطني من الاغراق والمنافسة بجانب تشجيع الصادرات غيرالبترول وترشيد الاستيراد والمحافظة على استقرار اسعار الصرف، يرى خبراء الاقتصاد ضرورة وضع موازنة خالية من التعقيدات والسلبيات التى صاحبت الموازنات السابقة، وتفادي المشاكل الحالية المتمثلة في الازمة المالية وتراجع الايرادات وتزايد الصرف والانفاق الحكومي، بجانب تقييم اداء الموازنات السابقة بالتركيز على الموازنة الحالية 2009 والتي تعاني من تحديات ماثلة كثيرة بينها العجز الكبير في الايرادات وتراجع عائدات النفط وتزايد الانفاق الحكومي بجانب تخصيص حلقة نقاش موسعة تضم كافة الجهات ذات الصلة لوضع موجهات شاملة للموازنة المقبلة ومعالجة المشاكل التي يعاني منها الاقتصاد الوطني مع مشاركة القطاع الخاص واصحاب الخبرة من الاقتصاديين لاعادة النظرفي صياغة الموازنة القادمة. وتفيد متابعاتنا بأن زارة المالية شرعت فى التحضيرلاعداد الموازنة الجديدة للعام 2010 من خلال اللجان التى كونت حيث بدأت فى دراسة السياسات المالية للسنوات الخمس الماضية، وامكانية تجاوز السلبيات فى الموازنات السابقة الى جانب التركيز على جذب الاستثمارات الاجنبية. وقال د .عوض الجاز - وزير المالية - إن موجهات موازنة العام القادم تركزعلى زيادة العرض في الاقتصاد بالتركيز على القطاعات الإنتاجية في مجال الزراعة والصناعة والخدمات فيما يعرف بموازنة البرامج مشيراً إلى الملامح العامة التي يمكن أن تحقق العدالة وتوزيع الثروة وزيادة الإنتاج والإنتاجية في ظل تحديات تحريك الطاقات العاطلة وتحديد أهداف كمية عبر برامج محددة تصبح ملزمة للتنفيذ لتحقيق أهداف الموازنة مشيراً إلى تحديات تحقيق الوحدة والمحافظة على سيادة البلاد واستدامة السلام والتنمية. واكد د. صابر محمد حسن محافظ البنك المركزي على ضرورة الاستفادة من دروس الأزمة المالية في وضع موازنة مرنة تتحسب للصدمات وقال إن الاقتصاد السوداني يتحمل عبئاً كثيراً في تحمل تكاليف السلام في ظل تقاعس المجتمع الدولي من الوفاء بإلتزاماته. وقال إن الاقتصاد السوداني خرج من الأزمة بأقل التكاليف في ظل التطورات العالمية مشيراً إلى بداية الإنعاش الاقتصادي في العالم مما يشيرلقرب نهايات الأزمة، وأعلن صابرعن تحسن بناء احتياطات النقد الأجنبي. ودعا علي أحمد دفع الله - أمين أمانة الاستثمار باتحاد اصحاب العمل السوداني - الى ايجاد موازنة تراعي ما بين ضرورة تحرير الاقتصاد ، وضرورة تدخل الدولة لحماية الانتاج الوطني من المنافسة غيرالمتكافئة عبر اصدار القوانين الحمائية خاصة وانه لا يوجد تحرير اقتصادي مطلق حتى بامريكا وأوروبا بجانب ضرورة تشجيع الصادرات غير البترولية خاصة الزراعية والحيوانية والصناعية لتوفير موارد النقد الاجنبي والمحافظة على استقرار اسعار صرف العملات الاجنبية بترشيد الاستيراد وتفادي الاعتماد على البترول واهتمام بالقطاعات الانتاجية . وشدد دفع الله على ضرورة منح ميزات تفضيلية واعفاءات للاستثمارمن ضرائب وقيمة الارض مع منح ميزات تفضيلية للاستثماربالمناطق الاقل نمواً وتحديد هذه المناطق والاعفاءات بوضوح بجانب تشجيع الاستثمارلاستغلال الميزات النسبية التي تتمتع بها بالبلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الاستراتيجية خاصة الاسمنت والسكروالصناعات الغذائية. وفي ذات السياق حدد اتحاد مزراعي السودان أولوياته ومطلوباته من موازنة العام 2010 وفي مقدمتها توفيرالتمويل لمشروعات النهضة الزراعية مع التركيز على صياغة هذه المشروعات بالتنسيق مع الولايات واتحادات المزراعين لتأتي من القاعدة ووفق اولويات محددة بجانب ايجاد سياسات تمويلية مستقرة وموجهة نحو تشجيع الانتاج الزراعي وتأمين الغذاء. وأكد غريق كمبال - نائب رئيس اتحاد مزراعي السودان - ان الميزانية الجديدة ينبغي ان تنص بوضوح على اعتمادات القطاع الزراعي من تمويل لاعادة تأهيل المشاريع الزراعية وبرامج النهضة الزراعية بالقطاع (المروي والمطري والبستاني) والطرق الزراعية ومعالجة مشاكل التمويل والتسويق بجانب اقامة البنيات التحتية لجذب الاستثمارات بالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. لكن الجهازالمصرفي والمتعاملين معه من اصحاب الصرافات جاءت اولوياتهم منادية بالمحافظة على استقرار سعر الصرف، وزيادة موارد النفط الاجنبي عبر الاستفادة من التحسن في اسعار النفط الحالية بجانب تشجيع الصادرات غير البترولية خاصة الصناعية والزراعية. وعول صلاح عابدين الناطق الرسمي باسم اتحاد شركات الصرافة على زيادة اسعار النفط في الاسواق العالمية والتي ارتفعت بنسبة (50%) مقارنة بالسعر المعياري المعتمد في موازنة العام 2009 والبالغ (50) دولاراً للبرميل. ودعا عابدين الحكومة الى اتباع سياسات اقتصادية قادرة على زيادة موارد النفط الاجنبي عبر تشجيع الصادرات غير البترولية خاصة الصناعية والزراعية، وترشيد الاستيراد وخفض الانفاق الحكومي، وسداد الدين الداخلي خاصة الصكوك والسندات لتحريك الاسواق والاقتصاد بجانب تشجيع الانتاج . ودعا د. بابكر محمد توم - نائب رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني - لضرورة ان تتبنى الحكومة سياسات اقتصادية داعمة للعرض وزيادة الانتاج وخلق الفرص الاستثمارية، وخلق شراكة حقيقية مع القطاع الخاص ورعايته ودعمه، وترشيد الاستيراد ليوجه نحواستيراد مدخلات الانتاج والسلع الراسمالية، والزام الولايات بتطبيق السياسات الكلية للدولة وعدم خرقها بفرض الرسوم والجبايات، مع تشجيع الاستثمارلاستغلال الموارد وتوفير فرص العمل ومحاربة الفقربجانب دعم القطاع الزراعي وانفاذ برنامج النهضة الزراعية، والمحافظة على استقرار اسعار الصرف بزيادة الصادرات غير البترولية وترشيد الاستيراد فضلاً عن تبني سياسات اجتماعية تستوعب برنامج الالفية للتنمية وتركز على توفير فرص العمل ومحاربة الفقروالاستفادة من برامج التمويل الاصغر.