أول أمس وبعد أن صلى أهل العباسية بأمدرمان صلاة العشاء والتراويح وكآخر صلاة لهم داخل أقدم جامع في أم درمان جامع قدح الدم حيث قام بعدها أهل الحي بهدم وتكسير الجامع بالكامل لإعادة إنشائه بصورة معمارية حديثة وسط تكبير رجال الحي وزغاريد نسائه في مشهد كأنما صور عودة الشيخ قدح الدم الى مكان المسجد من معركة كرري وسيفه مضرجاً بدماء الأعداء، فزغردت له نساء أمدرمان، وأطلقوا عليه لقب قدح الدم. الجامع عمره أكثر من (100) عام إذ يرجع تاريخه الى 1898، ويعتبر أول مسجد في مدينة أم درمان صُلِّيت فيه الجمعة عقب معركة كرري وسقوط أمدرمان. وبعد المعركة جاءت جيوش كتشنر بعتادها وخيولها الى مسجد الخليفة عبد الله وقاموا بتدنيسه، فتصدى لهم رجال المهدية، ومنهم أحمد قدح الدم، الذي كان يُكنى بأحمد قدح العشا، وجاء هو والجند ليقيموا الصلاة بمكان المسجد الموجود حالياً، الشيخ أحمد قدح الدم الذي كان قائداً قوياً وشجاعاً قرر وبغيرة دينية وعقيدة قوية تشييد المسجد وبناءه في أيام معدودة، وقد شيدت ركائزه الضخمة بالتبن والجالوص، وليس به مئذنة أوقبة أومحراب، وسقفه من المواد المحلية. وكانت أمامه ساحة تقام فيها الاحتفالات الدينية الكبيرة والأعياد كالمولد النبوي، وكان أيضاً المجمع الرئيسي للطريقة التجانية قبل أن تتفرع وتنتشر في أنحاء أم درمان. العم سيف الدين عباس أحمد قدح الدم حفيد أحمد قدح الدم قال إن المسجد تم هدمه بعد مشاورات واجتماعات دامت لفترات طويلة. وبعد شد وجذب نسبة لما يمثله الجامع من قيمة أثرية، وأضاف العم سيف تجديد بناء المسجد بصورة حديثة لا يعني إنهاء مسيرته ودفن تاريخه وإنما هو ليكون فاعلاً ومواكباً للعصر حتى يقوم بالدور الديني والتوعوي القديم الذي أنشئ من أجله بصورة فاعلة. وأكد العم سيف حرص الأسرة وأهل الحي لحفظ تراث المسجد وذلك بتصوير الجامع قبل الهدم وعمل متحف مصغر للجامع يضم صورة مجسمة للمسجد القديم، وإعداد نشرات تخص الجامع والشيخ قدح الدم. وشكر القائمين على أمر بناء المسجد وهم أولاد آل الأمين حامد والمتبرعين.