مالك عقار نائب رئيس الحركة الشعبية ووالي النيل الازرق ومسؤول ملف دارفور في الحركة الشعبية تصاعدت اسهمه بشدة داخل حزبه واصبح بحكم الوصف التنظيمي الرجل الثاني(مشترك) في الحركة ، بهذا الوضع (كما يقول المحللون الرياضيون وهم يصفون خطة فريق ما لكرة القدم) تسنى لمالك عقار ان يخطب في الدكتور حسن الترابي الامين العام للمؤتمر الشعبي والسيد الصادق المهدي زعيم حزب الامة امام الانصار، والاستاذ محمد ابراهيم نقد السكرتير العام للحزب الشيوعي ومجموعة اخرى من السياسيين الشماليين، عاب عليهم خلال الندوة التي اقيمت على هامش مؤتمر جوبا -كما عاب على الشمال من ورائهم- الاستعلاء العرقي الذي يرى أنه تم باسم العروبة تجاه الأعراق الأخرى، وأكد على أنه من الصعوبة خلق هويتين متناقضتين في البلاد، الأمر الذي قال أنه سيؤدي حتماً لانفصال السودان. في روايات اخرى نقلت عنه في بعض الصحف فإن عقار لم ينس ان يذكّر السودانيين الشماليين بانهم في المخيلة العربية يخضعون لذات النظرة الاستعلائية التي ينظرون بها للجنوبيين، وهذا يعني وفق مفهوم الحديث- بغض النظر عن منطوقه- ان الشمال يستعلى على الجنوب بشيء يفتقده اساسا. كانت الندوة عبارة عن هواء ساخن ومحاكمة سياسية واجتماعية وثقافية قال فيها عقار -واعقبه آخرون من الجنوبيين- كل شيء ظل مكتوما في الصدور او حبيسا في المجالس الضيقة، لم يترك المتحدثون فيها للشمال(صفحة يرقد عليها)، وكان الترابي ونقد والصادق في نظر المتكلمين (كلهم صابون، او كلهم شماليون بالاحرى) فأخذوا حظهم من النقد الحارق، او الحار باسقاط حرف القاف الاخير كما اسقط عقار كل محمول التوترات النفسية والاجتماعية انابة عن كثير من الجنوبيين على رؤوس الزعماء الثلاثة: الصادق والترابي ونقد. حتى المواقف السياسية المحضة لحزب الامة والحزب الشيوعي تم إلباسها اللبوس الاجتماعي والثقافي وتحميلها مضامين الظلم والتهميش فصار موقف حزب الامة من اتفاقية السلام الشامل مثلا قرين الجهاد الذي قال المتحدثون في الندوة ان الترابي اعلنه ضد الجنوبيين، وتعين بالتالي على الصادق المهدي وصهره الدكتور الترابي ان يردا تلك السهام التي ابتدر مالك عقار اخراجها من الكنaائن. وصدق الصادق وهو يبتدر رده على ذلك الهجوم بواحدة من مسكوكاته اللفظية الشهيرة(لو لم نسمع هذا الكلام لدخلنا جوبا مخدوعين وخرجنا منها مخدوعين)، فلولا تلك الندوة التي دشنها عقار بكلماته الحارقة لظن الصادق ومن بعده الترابي ونقد ايضا انه من الممكن ان يعبروا الى الضفة التي فيها الحركة الشعبية عبر انتقاد خطايا حكومة الانقاذ فقط، دون الحاجة الى تجسير اضافي ولكن عبر الاعتراف بخطيئة الشمال كما يراها عقار واصحابه.