هل انتهت الحرب في دارفور بالفعل؟! الاجابة ب(نعم) خرجت من عدة جهات، من الحكومة السودانية، ومن الجماهيرية الليبية التي لها معرفة ودراية بمشكلة دارفور تمتد الى علاقة (ما) بقادة الحركات المسلحة، وخرجت ذات الاجابة من بعثة الاتحاد الافريقي. هناك ايضا من يقول(لا) باعتبار ان الهدوء النسبي الذي ينعم به الاقليم حاليا هو من تلك العينة التي تسبق العواصف، لأن هناك العديد من الحركات المسلحة التي ما زالت تعكر صفو الاقليم بحمل السلاح، الى حين ان تضعه على طاولة مشهودة تسلم فيها البندقية بيد وتتسلم باليد الاخرى اتفاقا موثقا ومشهودا يحوي قائمة مغانمها من المناصب في الحكومة الاتحادية والولائية ومثلها من الثروات، وكذلك التعويضات التي ستفيضها عليهم الحكومة والوسطاء والمانحون. دون القطع بإجابة صحيحة فإن قضية دارفور تشهد تحولات عميقة وجذرية، اللافت فيها مثلا ان اغتصاب نساء دارفور اصبح تهمة تلاحق الحكومة التشادية والعاملين في منظمات الاغاثة، عوضا عن القبائل العربية والسلطات الحكومية، وعوضا عن احمد هارون وعلي كوشيب واسماء اخرى موجودة على لائحة اوكامبو المزعومة. فقد أعلنت منظمة العفو الدولية أن النساء السودانيات في معسكرات اللاجئين في تشاد (وعددهن يتجاوز المائة واثنين واربعين الف امرأة يوجدن في 12 مخيماً)، يتعرضن بشكل منتظم لاغتصاب من قبل قرويين وجنود ومن موظفي إغاثة، وقالت المنظمة في تقريرها إن الشرطة التشادية المدعومة من الأممالمتحدة، لم تفعل شيئا لحماية النساء والفتيات من الاعتداءات الجنسية. وفي عبارة مختصرة وموجزة قالت تواندا هوندورا نائبة مدير برنامج افريقيا في منظمة العفو الدولية «هؤلاء النساء هربن من دارفور على امل ان يمنحهن المجتمع الدولي والسلطات التشادية قدرا من الامان والحماية». ولكن «ثبت ان هذه الحماية بعيدة المنال ومازلن يتعرضن لاعتداء». وما بين القوسين هو من كلام النائبة المحترمة. الى جانب منظمة العفو الدولية افاد متحدث باسم بعثة «منيوركات» التابعة للامم المتحدة في تشاد وكالة رويترز للانباء انه توجد بعض التقارير عن تعرض نساء لاعتداءات معظمها خارج المخيمات ولكنه دافع عن الشرطة وقال ان الوضع الامني يتحسن في المنطقة.عملية(الاستضافة) التي تخضع لها الحركات المسلحة من دولة تشاد، كانت بمثابة الماء في فم قادة هذه الحركات، فليس هناك من هؤلاء من يستطيع ان يدين او يشجب تعرض نساء بلاده الى الاستغلال الجنسي الذي اكدته منظمة العفو الدولية وتلجلجت بعثة الاممالمتحدة في تشاد في نفيه. ما تستطيع ان تفعله الحركات المسلحة لتحسين وضعية هؤلاء النسوة وتجنيبهن ويلات الاستغلال الجنسي هو الانخراط في العملية السلمية بصورة جدية، لانهاء وضع النزوح واللجوء الاستثنائي، لأنه لا معنى ابدا لنسج الاخبار الملفقة والكاذبة عن عمليات اغتصاب تتم في الداخل(كما افادت مجموعة تصحيح مسار دارفور)، والصمت المطبق ازاء عمليات الاغتصاب الحقيقية التي يرتكبها الجنود التشاديون او آخرون بمباركة السلطات التشادية.