ينتمي الفنان التشكيلي السوداني حسان علي أحمد الى مدرسة الخرطومالجديدة التي تستخدم التقنيات الحديثة فيما تقدمه من اعمال كما أن اللوحات لا يتبين فحواها إلا بعد قليل من التأمل وتحمل المفردات التشكيلية ملامح نوبية قوية.واللوحة عند حسان علي أحمد تبدأ من أفكار مسبقة وقد تبدأ بمساحة صغيرة أو بقع لونية وخطوط متشابكة أو غير متشابكة وتتطور من واقع الصراع مع الخامة والسطح حتى تصير شكلاً.حصل حسان على جائزة نوما اليابانية مرتين عام 1988، 1996 وشارك في أكثر من 50 معرضاً اقيمت في العديد من البلدان العربية والاوربية.التقته الجزيرة في هذا الحوار الذي تحدث فيه عن أعماله ومشواره ومعارضه والعديد من قضايا الفن التشكيلي في السودان: --- لوحات معرضك الأخير تبدو أنها تتواصل مع لوحات المعرض الماضي ورغم ذلك اخترت لها عنواناً جديداً هو (صدى العزلة) فلماذا لا تتوحد المسميات؟ المعرض الحالي هو بالفعل امتداد لمعرضي الماضي الذي كان تحت عنوان «الهجرة الى الداخل» وأحاول فيه الرجوع إلى لوحاتي السابقة وارى المشهد من بعد وهو عزلة غير مفروضة بل اختيارية وفيها شيء ما يشبه الصوفية ومساحة للتأمل ومن ثم الدخول اليه بحثا وتجريبا للوصول إلى صيغة عبر الحوار الجدلي بيني وبين الخامات المستعملة والاسطح والفضاءات من حولي مستفيداً في ذلك من تراكمات المعرفة البشرية في مجال التشكيل وخلافه متأثراً بها متفاعلاً معها. وهي تعبير عن حالة فأنا لا اطلق اسماً معيناً على لوحة بعينها وانما اسمي معارض واللوحات ليست تفصيلاً للعنوان الذي أضعه للمعرض فقد تكون لوحة أو لوحتين معنيين بالعنوان مثل كاتب القصص القصيرة في الغلاف يختار احداها كعنوان. وهل ترى أن هناك علاقة ابداع بين الفنان التشكيلي وكاتب القصة أو الرواية؟ بالطبع توجد علاقة وثيقة ولكن تختلف في وسائل التعبير فقط، فالكاتب يستعمل اللغة للكتابة والتشكيلي يستعمل الالوان للرسم، ولكن هي حالة واحدة ابداعية حتى عندما أقوم برسم غلاف لقصة يتم بشكل عمل ابداعي متواز وليس بالضرورة تفسير وتوضيح المكتوب واحيانا تكون كنوع من الجاذبية بمساحات ملونة، ولذا عند مشاهدة لوحة ما في اي معرض نقول: ان هذه اللوحة تناسب هذا الكتاب أو هذه القصيدة واحياناً أخرى الروائي نفسه يشاهد لوحات الفنان ويختار ويقترح احداها لانها تناسب جو روايته. هناك علاقة دائمة بين التشكيل والسينما فما رأيك في اتجاه بعض التشكيليين للاخراج السينمائي مثل الفنان السوداني صديقك (حسين شريف)؟ بالفعل هناك علاقة بين الاثنين لانهما فنون بصرية وحسين يعتبر نفسه painter (رسام) ولكنه يشعر أن اللوحة لا توضح كل الاشياء التي يريد أن يقولها فاتجه الى السينما لان بها أشياء حركية وموسيقى وكلاماً وعلى مستوى العالم نجد تشكيليين كثيرين اتجهوا الى السينما خاصة الفنانيين الايطالييين والراحل شادي عبدالسلام في مصر. وهل يستطيع الفنان السوداني التفرغ والمنافسة عالمياً؟ صحيح أن الفن يحتاج إلى التفرغ ولكن ليس كل الفنانين لديهم هذه الفرصة، وفي مصر يقوم بعض الفنانين بتقديم مشروعات للتفرغ وتوجد لجنة تقوم بفحص هذه المشاريع ويتم التفرغ للفنان لمدة سنة أو سنتين وهناك فنانون آخرون يتفرغون بطريقتهم الخاصة، ولكن هذا الفنان لا يستطيع أن يجاري الحياة المعيشية إلا قلة محظوظة تباع لوحاتهم خاصة الرسامين المحترفين ومن تجربتي السابقة فشلت في أن أعمل كموظف صباحاً وفناناً مساء حيث كنت أعمل في معرض الخرطوم الدولي فتحول مكتبي إلى مرسم وعندما شعرت أنني لا أستطيع التوفيق قررت التفرغ وقد كان قراراً صعباً واعتقد أن هذه مغامرة وعلى الفنان أن يكون مغامراً فالابداع دعوة للتجاوز ومسألة الرتابة لا تقدم الجديد.