تأتي الإنتخابات المقبلة في سياق بالغ الأهمية لجهة أنها تعود بعد إنقطاع أستمر لفترة طويلة من الزمان (عقدت آخر مرة العام 1986م)، ما يعني أن الفئة العمرية دون الأربعين عاماً ستذهب لأول مرة لصناديق الإقتراع في أبريل (2010م). وتنبع أهمية حفز الشعب للإدلاء برأيه وأختيار قياداته إضافة الى ان الخطوة تعد تتويجاً لمسير طويل في طريق التحول الديمقراطي. ومن المؤكد أن الإعلام يلعب دوراً مهماً في قيادة الناخب لممارسة حقه الإنتخابي عبر وسائل التثقيف والإرشاد، بجانب أنه يمثل آلية مراقبية مهمة للإنتخابات في أطوارها كافة ومن الضرورة بمكان الإشارة الى أن الإعلام لكيما يضطلع بكل تلكم الأدوار يحتاج ل: الإلمام بكل ما يختص بالعملية الإنتخابية، التحلي بدرجة عالية من المهنية والإحترافية، إضافة لإستصحاب الضوابط المهنية والأخلاقية للخروج بالإنتخابات القادمة -التي هي محط أنظار العالم- بصورة حرة ونزيهة وعادلة وشفافة. وهو ما حاول المجلس القومي للصحافة والمطبوعات بالتعاون مع المفوضية القومية للإنتخابات التبصير به في الدورة التدريبية للتغطية الإعلامية للإنتخابات للكوادر الإعلامية من مختلف الأجهزة الإعلامية. وفي محاضرته عن الإعلام ومراقبة الإنتخابات أكد الأستاذ محجوب محمد صالح الإعلامي المعروف رئيس تحرير صحيفة الأيام أن الإعلام مشارك بفاعلية في العملية الإنتخابية منذ مرحلة إجازة القانون وحتى النهايات عبر إجراء حوار وطني جاد الهدف منه تثقيف الناخب، والتعريف ببرامج المرشحين، إضافة لقيامه بالأدوار المراقبية. وأشار في هذا الصدد الى أن المراقبة باتت في الفترة الأخيرة مهنة قائمة بذاتها سواء من جهات خارجية أو أخرى داخلية، بمعنى ان الإعلام نفسه مراقب في مدى التزامه بالمعايير والضوابط وأوضح أن المراقبة تتم على مستويين طويل المدى يستمر مع العملية الإنتخابية في كل إجراءاتها، وقصير المدى ويقتصر على يوم الإقتراع والتصويت. وشدد أستاذ محجوب على أن الإنتخابات المقبلة بالغة التعقيد إذ انها تضم في ثناياها مستويات عديدة (تنفيذية وتشريعية)، وتنتظم في كليات إنتخابية عديدة: جغرافية تمثل (80%) في مقابل أخرى تتم بطرائق التمثيل النسبي غير المباشر، ونظام (الكوتة) بالنسبة للنساء. ومن ثم ولج أستاذ محجوب الى العناصر الفاعلة في الإنتخابات وأهمها بحسبه الحكومة بأجهزتها المختلفة (تنفيذي، تشريعي، قضائي) وقال: مناط بالجهاز التنفيذي وضع مسودة لقانون الإنتخابات وإنشاء قانون المفوضية ومن ثم يلي ذلك دوره في تعيين العضوية وأضاف: بخطوة التعيين تنتهي مرحلة الجهاز التنفيذي لتبدأ مرحلة التشريعي بإجازة القوانين تحت قبة البرلمان بينما يلعب القضاء أدواراً مهمة في العملية الإنتخابية بإعتباره مرجعاً رئيساً في تلقى الإستئنافات والطعون وشدد على أهمية توفير العدد الكافي من القضاة بإعتبار أن العملية مسقوفة بزمن محدد. وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الفعالية الإنتخابية بحسب الترتيب الذي وضعه أستاذ محجوب المفوضية كونها مخول لها إجراء الإنتخابات بصورة كاملة وحدد بعض المعايير التي يجب توافرها في أعضاء المفوضية على رأسها ان يكونوا محايدين، ومتسمين بالنزاهة، الى جانب إبتعادهم عن الولاءات الحزبية وأضاف: على الإعلام مراقبة أداء المفوضية والتأكد من حيدتها ونزاهتها وعدم تدخل الجهات الأخرى في أعمالها. الأحزاب والمرشحون عنصر فاعل في الإنتخابات وتكمن أهمية الإعلام بحسب رئيس تحرير الأيام في مراقبة الأداء حتى لا ينحرف نحو الإساليب الفاسدة وفي مقدمة ذلك إثارة النعرات، ونادى أستاذ محجوب محمد صالح بضرورة الإلتزام بالموجهات الدستورية. ومن ثم وصل أستاذ محجوب الى دور الإعلام وإنعكاساته على الإنتخابات بالحديث عن الأدوار المتعددة له بداية من نشر التوعية بأهمية العملية وما ينبني على ذلك من حقوق وما يستتبعها من واجبات لإنجاح التجربة الديمقراطية القادمة وذكرّ بأن الهيئات المحلية والدولية من خلال تقرير لتقويم أداء الإعلام خلال الفترة الإنتخابية ومدى حياديته وتوازنه فيها. وفي سياق متصل أشار أستاذ محجوب الى المواد المرتبطة بالإعلام وحواها القانون الإنتخابي منها المادة (98) التي تعتبر عدم المساواة في إعطاء الفرص للمرشحين والخلط بين الإعلان والمادة التحريرية من دون الإشارة الى ذلك مخالفة إنتخابية عقوبتها مقروءة مع المادة (102) بأن من يخالف أحكام المواد يعاقب عند الإدانة بالسجن لستة شهور ولا تزيد عن السنتين، أو الغرامة، أو بالإثنين معاً.وأكد الأستاذ محجوب الى ان التعرض لأى صحفي مقيد ضمن سجلات المفوضية بغرض إعاقة تأدية عمله جريمة يحاسب عليها القانون. وفي اتصال مع «الرأي العام» أيد عبد العظيم نور الدين أستاذ العلوم السياسية بجامعة أم درمان الإسلامية ما جاء في أطروحات الأستاذ محجوب محمد صالح وأكد ان للإعلام أدوراً مضاعفة خلال الإنتخابات المقبلة في مناحي التوعية بأهميتها، وطرائقها، وما يترتب عليها من نتائج، إضافة للقبول بما تتمخض عنه.وشدد نور الدين على أهمية أن يلتزم الإعلام بالحرفية والمهنية فى أداء رسالته والنأى بها عن الأساليب غير السوية وأن يتعامل مع الإنتخابات المقبلة بإعتبارها مشروع قومي.الإعلام الذي ألغت قرارات الرئيس البشير الأخيرة أىة قيود رقابية عليه، من المأمول منه أن يلعب أدواراً رقابية متعاظمة خلال الإنتخابات المقبلة عبر الحرفية والمهنية على الأقل هذا مايأمله المجلس والمفوضية للوصول لإنتخابات شبيهة بصحن الإزهري (لا شق لا طق).