تلقيت تساؤلات حول واقعة وردت في حلقات بعنوان كيف مات الأزهري؟ وعن مدى صدق ما أوردته بأن أيد امتدت إلى افلام وتسجيلات وثائقية للزعيم اسماعيل الازهري في الاذاعة وفي إدارة التصوير بوزارة الاستعلامات وتم اتلافها أو حرقها وذلك في اعقاب رحيله في اغسطس 1969م، ويفيد كشف ملابسات العثور على الفيلم الوثيقة الخاص برفع الزعيم اسماعيل الازهري وان اورد الفقرات التي غابت من احدى تلك الحلقات: وفي نفس اللحظة أي في ذلك المساء اغسطس 1969م، اتجه اشخاص إلى مقر الاذاعة والتلفزيون لسحب أي تسجيلات بالصور أو الصوت او معاً وطلب من المسؤولين في الجهازين تقديم كل ما له صلة باسماعيل الازهري، وقيل انه نحو خمسين أو ستين تسجيلاً لمناسبات وطنية مختلفة قد سحبت في ذلك المساء. والعجيب ان تسجيلا واحداً قد نفد من المصادرة والاعدام وهو التسجيل الخاص بإحتفالات عيد الاستقلال في أول يناير 1956م حيث اعلن الازهري الاستقلال من داخل البرلمان ثم انتقل الازهري واعضاء حكومته إلى القصر الجمهوري مشياً على الأقدام حيث تم انزال علمي الحكم الثنائي «بريطانيا ومصر» ورفع علم السودان ذو الثلاث ألوان. أما كيف نفد من المصادرة والاعدام فقد طلبت سفارة السودان في لندن في مطلع العام 1969م من وزارة الاعلام ارسال افلام عن الاستقلال لكي تعرضها على السودانيين والبريطانيين في حفلها السنوي بالاستقلال وجرى اختيار الافلام المناسبة ومنها هذه الوثيقة التسجيلية التاريخية وارسلت إلى بورتسودان لتنقل بعد ذلك بالباخرة إلى بريطانيا حيث تتسلمها السفارة السودانية وظلت هذه العلب وبداخلها الافلام التاريخية على ميناء بورتسودان، ولسنوات طويلة وجاء مواطن من بورتسودان إلى أحمد محمود مؤسس التصوير الحديث في وزارة الاعلام ومدير إدارة التصوير في مطلع الثمانينيات ليبلغه انه لاحظ وجود علب «اسطوانات» وسط اكوام من المهملات في الميناء ويعتقد ان هذه العلب أو الاسطوانات تخص إدارة التصوير ولذلك جاء ليبلغه حتى لا تتعرض للتلف والضياع ولم يصدق أحمد ما نقله إليه لانه كان يعرف إنه إذا صحت هذه المعلومات فإنها افلام الاستقلال التي جهزها بنفسه لترسل لسفارة السودان في لندن ولم ينتظر أحمد أي اجراءات وأبلغ الوكيل انه مسافر في مهمة عاجلة إلى بورتسودان وسيعود بعد يومين. وللمفاجأة انه من اللحظة الأولى لرؤية «الاسطوانات» أو «العلب» عرفها انها النسخ الوحيدة واليتيمة التي نجت من الحرق والابادة فحملها بفرحة ورفق شديد وعاد بها إلى الخرطوم حيث شاهدها الجيل الجديد لأول مرة على التلفزيون في المناسبات الوطنية الأخيرة. وكانت فلتة العمر أي- ان يقدم معهم الوثائق الخاصة بالازهري- ومع ذلك ظل اقيم ما اعتز به ويعتز به كل سوداني احتفالات الاستقلال في اول يناير 1956م وايضاً مراسم القسم كرئىس لمجلس السيادة في العام 1965م. ان الفقيد أحمد محمود الذي عثر على هذا الكنز الوثائقي والذي يبث من فترة إلى أخرى في التلفزيون يستحق ان نترحم عليه جميعنا، فقد كان شخصية كريمة معطاءة ومتفانية في ادائها وعملها، واليه يعود الفضل في ازدهار صناعة التصوير والتوثيق المتطورة ابان توليه ادارتها في وزارة الاستعلامات، وقد انهارت ثم اسدل عليها الستار تماماً بعد رحيله. اسبغ الله عليه وعلى زملائه العظام الراحلين في ادارة التصوير شآبيب الرحمة والمغفرة.