كان من الطبيعي ان تخلف الحرب التي أرهقت الجنوب لسنوات آثاراً على مجمل القطاعات بالاقليم، ولكن بالرغم من المشروع الطموح الذي تبنته حكومة الجنوب لإنعاش الاقتصاد منذ ما يزيد عن الاربع سنوات إلاّ ان عدم الاستقرار الأمني المتقلب بين الاستقرار والانفلات سبب احجاماً لبعض المستثمرين العرب خاصة السعوديين والكويتيين عن الاستثمار في الجنوب. وتفيد متابعات (الرأي العام) انه بدر أخيراً اتجاه لبعض المستثمرين نحو الاستثمار بالجنوب للاستفادة من الموارد المائية والبترولية والثروات المعدنية والحيوانية الضخمة الموجودة، حيث تقدمت شركة سعودية بعقود استثمار لمشروعين زراعيين، ولكن بالرغم من ذلك لاتزال الاوضاع تشير الى ضعف واحجام المستثمرين عن التوجه نحو الجنوب نسبة لضعف البنية التحتية بالاقليم وعدم توافر وسائل نقل جيدة اضافة الى ارتفاع اسعار الوقود للآلات الزراعية فضلاً عن الاشكالات التي يواجهها الجهاز المصرفي خاصة اثر تداعيات الازمة المالية وانخفاض اسعار البترول التي يعتمد الاقليم الجنوبي بنسبة (90%) عليه لدعم مشاريع الاستثمار. ولم يسهم القطاع المصرفي بالجنوب كثيراً في تمويل الاستثمارات الضخمة بل عملت بصورة ضعيفة في توجهها نحو تمويل السكان المحليين ومساعدتهم في اقامة المشاريع الصغيرة. وأوضح الاستاذ جاستن جوزيف - رئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس الوطني - ضرورة توجه الدولة نحو رفع ايقاع الاستثمار بالجنوب، وذلك بإزالة جميع العوائق من خلال توفير المناخ الملائم للمستثمرين وتوحيد الرؤى للاستفادة من الامكانيات الهائلة التي يزخر بها الاقليم لخلق فرص ذهبية للاستثمار في كل القطاعات خاصة القطاع الزراعي والحيواني.وأوضح الخبير الاقتصادي البروفيسور عصام بوب ان الكادر المؤهل يظل من أكبر المعوقات التي تقف عقبة في وجه الاستثمار، حيث تتهم العمالة الجنوبية بأنها عمالة المهن الهامشية وانها تواجه أخيراً تحدي ادارة مؤسساتها بالطرق الحديثة لعلم الإدارة. واضاف: لا يمكن ان نغفل جانب البيانات والدراسات التي تأتي كحجر اساس لقيام اي مشروع استثماري، حيث تفيد المتابعات بأن الاقليم يفتقر الى الحد الادنى منها. واشار إلى ضرورة توجيه مصرفات حكومة الجنوب وترشيدها واستغلالها في دفع النشاط الاقتصادي الذي تمحور بشكل واضح في الشمال وتكثيف الخطط الداعمة للتنمية، ليس ذلك فحسب بل انزالها الى ارض الواقع لدفع المستوى المعيشي للمواطن الجنوبي الذي هو هدف لكل نشاط اقتصادي متصاعد.