تصيبك دهشة مقرونة بالفرح وأنت أمام أشهر معتقلي «غوانتنامو» البغيض.. مصور قناة الجزيرة الفضائية سامي الحاج.. دهشة بالرجل لأنه خرج متماسكاً بعد ان كان قاب قوسين من الموت أو البقاء في دائرة نسيان هذا القمقم الذى يتوسط الجزيرة الكوبية.. وهو معك.. وبالفرح لأنك التقيته مصافحاً وجالساً في حوار معه كما حدث وهو يزور «الرأي العام» بصحبة الاعلامي مسلمى الكباشي.. شاكراً موقفها معه ابان محنته.. وسامي سهل سلس وصريح.. حينما فاجأناه بالاسئلة كانت هنالك مساحة خمس دقائق فاصلة بيننا وموعد سبق مع جهة ما.. قلت: * ماذا تتذكر من أيام المعتقل بعد مرور اكثر من عام؟ - اتذكر زملائى في المعتقل الذين وصلتهم الأخبار باطلاق سراحهم ولم يحدث ذلك بينهم يمنيون وتونسيون وجزائريون.. * هل اصابك الخوف خلال وجودك في غوانتنامو وبعد الافراج عنك؟ - اطلاقاً ولكن.. شيئاً من الحزن والألم.. ليس خوفاً.. * كيف؟ - المعاناة ما زالت مستمرة.. وما زال البعض يعاني من الاعتقال.. والملاحقات الأمنية والاهمال وعدم الرعاية الصحية ما بعد الاعتقال الذى لم يكن لبعضنا هو نهاية المعاناة.. قد نكون نحن السودانيين حظينا باستقبال حافل واهتمام رسمي وشعبي ولكن هنالك البعض الذى غيب في السجون والآخر الذى عاد في صناديق.. ومعاناة كبيرة هنالك من لم يلتق بأسرته «90%» منهم من دون عمل حتى الآن.. * أشعرت بلحظة جنون أيام محنتك؟ - الحمد لله لم اشعر بذلك ابداً.. ولكن هنالك من فقد عقله وبيننا سوداني يعد أكبر المعتقلين سناً حدث له اختلال عقلي وهو ما زال في المعتقل.. * هل انت مراقب الآن؟ - لا.. ولا أشعر بأن أية جهة ما تراقبني.. أشعر بحريتي في كل تحركاتي.. وممارستي لحياتي الطبيعية.. الأمريكان لهم مشاكلهم الآن والتي تشغلهم أكثر من مراقبة سامي الحاج.. * بكيت؟ - بلا شك كثيراً.. عندما تسلمت أول رسالة فيها صورة لابني وعندما يغادر أحد المعتقلين.. وعندما ودعت عند اطلاق سراحي ولكني لا ادرى أهي دموع فرح أم حزن؟ * غنيت؟ - بكل تأكيد.. ترنمت بأغان سودانية «الغريب عن وطنو».. كنا احياناً نركب المفردات على الحان بعض الأغنيات.. وعن سنار «يابا شيخي.. ودتكتوك».. * هل اشتقت للكاميرا؟ - العمل في التصوير يجعلك تتخير الزوايا حتى توفق في التقاط المشهد أو الصورة الجميلة.. هذا ايضاً في المعتقل جعلني أنظر خلف الصورة الموجودة متخيلاً المشهد في الخارج.. كيف تسير الحياة؟.. وبالتأكيد كان هنالك حنين للكاميرا.. ففي زيارتي لغزة بعد الأحداث تمنيت لو كنت موجوداً أيام ما حدث لأنقل ما لم ترصده الجزيرة حتى بعد الأحداث لو كانت لي كاميرا لنقلت للناس صوراً لم تنقل.. بعض الأراضي كانت محفورة لعمق مترين.. كنت أتخيل ان الاسرائيليين كانوا يبحثون عن صواريخ القسام!.. ولكن أحد الخبراء الفرنسيين عند زيارتي لفرنسا قال: «الاسرائيليون.. أخذوا من التربة ليضعوها في مزارعهم الخاصة».. * لو قدر لك ان تعود هل ستفعلها؟ - الروحانيات التي وجدناها في المعتقل والتقرب الى الله تدفعني لأحمل حقيبتي لأعود.. «أمشي أقول ليهم أرجعوني»..!