لازلنا نستعرض بعض قصائد الشاعر سيد احمد بلال في مجموعة --وإذا الماء تنفس-- الشعرية في قصيدة توازن نقرأ عن تلك الراقصة التي تقول «جسدي يلاحقني ويرافقني ويوفقني» وهي قصيدة يصور فيها الشاعر اندماج الراقصة في عملها البديع: «حين تلاشت الراقصة وسط البلد تركت آثار قدمين فوق التراب ونقطة في الأبد». لازلت اذكر تعليق الشاعر سيد احمد في حديث لي معه جرى أواخر الثمانينات حول باعث هذه القصيدة فقد تسببت حيوية دافقة لكائن سوداني مبدع في مقابلة أجريت معه في انبثاق هذه القصيدة من مخيلة الشاعر. ولعل القصيدة أصلاً كانت هناك في المخيلة لكن الحيوية للكائن المبدع أخرجتها عن طريق الفرح الطاغي حين يكون فرح الشعراء بالآخرين وبالوجود ولو لبرهة من الزمان. في قصيدة (رحيل) التي كتبها الشاعر في أغسطس 1989 نجد هذه الصورة المفاجئة: التي رحلت في أغسطس تركت قالبها تحت قلبي صالحاً لتصميم نسخ أخرى هكذا يترك الشاعر الحوادث تحدث في حياته - حتى مثل هذا الحادث بالفقد - دون تدخل منه سوى بالتعبير الشعري عن الفقد.إنه يستعين عن فقد الكائن الحي المحبوب بكائنات متطابقة معه بل مستنسخة منه عن طريق هذا القالب العجيب تحت القلب ولذا يقول الشاعر «حين آتي على الطريق إلى وحدتي، أو حين أصعد من السفح إلى ذروتي، أراها منسكبة في أماكن شتى؛فأعرف أن السفر ؛ لعب للتخفي، وبعض قناع ضعيف الأثر». الحب يأتي بتعريف جديد للسفر .يكشف مكنونه. الجملة الأخيرة في شعر سيد احمد تكون مكثفة في الغالب.انظر إلى نص توازن أعلاه ونص موسيقى في الحلقة الماضية .وفي قصيدة (مزاح) وهي مكثفة في ستة اسطر ومهداة إلى روح (كمال شنان) صديق الشاعر نجد ذلك قاراً في جملة «تبخر الوقت» «أغلب الظن ؛أنه كان معظم الوقت؛ يمزح مع الموت، واظنه الآن في الأبدية؛ما زال يمازحه، بعد أن تبخر الوقت». آخر قصائد المجموعة فيما يبدو في يوليو 97 وأقول فيما يبدو لأن بعضها غير مؤرخ.لكن الشاعر كتب مقدمة المجموعة في يناير 2007 ويمكننا أن نتحدث بارتياح عن فجوة قوامها عشر سنوات من جواهر شعر سيد احمد الذي لم ينشر. وهو شعر لا زال سيد أحمد كعادته ينضده. الكثير من شعر المجموعة جاء في قصيدة النثر وتجدني أنحاز لكتابة سيد احمد فيها أكثر من انحيازي لقصيدة التفعيلة الواردة هنا في المجموعة.ولعل سيد أحمد يعلن بانحيازه عملياً بالخروج عليها تقريباً في القصائد التي كتبها منذ أواخر الثمانينات.وثمة قصائد كتبها الشاعر مؤخراً لم تضمها المجموعة أذكر منها مرثيته للخاتم عدلان وقصيدته (شغب صباحي) عن ابنته ضحى مما نشرت بالشبكة الدولية.ولدى سيد احمد قصائد عديدة بالعامية أيضاً اذكر منها مراثيه لوالدته لكن سيد أحمد بلال ضنين بشعره. أهدى الشاعر سيد احمد بلال مجموعة «وإذا الماء تنفس» إلى روح أمه التي غيبها الموت عام 1999والشاعربلندن في غربته.