ظاهرة خطيرة ودخيلة على مجتمعنا السوداني بدأت تطفو على السطح مؤخراً لتضاف إلى قائمة الاساليب المختلفة والمبتكرة للجريمة.. نساء يستغللن النقاب ويتخفين وراء استاره لسرقة ممتلكات الغير أو الاحتيال عليهم.. الظاهرة تتنامى وتتزايد بوتيرة ملفتة للنظر وسجلات الشرطة تشهد على ذلك غير ان المفاجأة غير المتوقعة هي (الرجال المنقبون) الذين يتسترون خلف النقاب لارتكاب بعض الجرائم .. التحقيق التالي يناقش هذه القضية، وننوه ان العيب ليس في النقاب، بل في استغلاله من بعض ضعيفات الايمان والنفوس. ------------------------ الرجل المنقب مسئولة بمعرض تجاري بقاعة الصداقة بالخرطوم، تروي لنا هذه المفاجأة، بقولها: «لاحظنا اختفاء بعض المعروضات بصفة يومية من بعض اجنحة المعرض، فكثفنا المراقبة، وبعد عدة سرقات القينا القبض علي فتاتين منقبتين كانتا تحاولان سرقة بعض المعروضات، ولكن المفاجأة غير المتوقعة، إننا اكتشفنا ان احداهما «رجل» كان يرتدي النقاب متستراً به، وبعد اقتيادهما للشرطة اتضح ان الفتاة والرجل من معتادي السرقات متسترين بالنقاب!!. واقعة اخرى باحدى مناطق أم درمان، حيث قامت ثلاث فتيات (منقبات) باستئجار تاكسي في مشوار بمبلغ «01» جنيهات، وبعد وصولهن مقصدهن، قمن بمنح السائق المبلغ المتفق عليه وطلبت منه الباقي مشيرات انهن قدمن له «05» جنيهاً وليس «01» جنيهات، وبعد مغالطة توجه بهن السائق الى قسم الشرطة وهناك اتضح انهن محتالات مشهورات. استهداف عفراء مركز عفراء للتسوق يعد من المناطق المستهدفة من جانب النساء المحتالات اللاتي يعملن تحت ستار النقاب، وشهد حوادث كثيرة.. بابكر عيسى حكمدار الأمن بالمركز قال لنا حول ذلك: «السرقات التي ترتكب بواسطة بعض البنات المنقبات بدأت منذ افتتاح مركز عفراء، لكنها تنامت خلال الفترة الاخيرة، فقبل يومين فقط تم ضبط فتاة منقبة متلبسة بسرقة مستحضرات تجميل غالية الثمن، اخفتها داخل ملابسها!!.. واخرى ضبطت وهي تخفي مصوغات ذهبية اثناء محاولتها الخروج بها من المركز.. وبعضهن يعترفن ويعدن المسروقات، واخريات ينكرن ويرفضن تفتيشهن لذا نقتادهن الى قسم الشرطة.. ولقد كشفت كاميرات المراقبة الموزعة داخل عفراء محاولات اخرى عديدة لسرقة بعض المعروضات بواسطة نساء منقبات في مختلف الاعمار.. وفي رأيي ان استغلال النقاب في الاحتيال والسرقة جريمة مركبة تستدعى مضاعفة العقوبة. المنقبات يدافعن ولكن ما رأي المنقبات في هذه الظاهرة؟.. عائشة عيسى محمد ترى ان البنات اللائي يستغللن النقاب في افعال اجرامية لا يعني الطعن في النقاب، فهن قلة قليلة، واجزم ان الغالبية العظمى من المنقبات لاغبار عليهن، ويتصفن بسلوك قويم وإيمان لا يمكن معه ان تسول لهن انفسهن بارتكاب المعاصي.. ولا انفي ان هناك نساء محتالات يتخفين خلف النقاب للاحتيال على الناس وسرقة المعارض، ومن تضبط متلبسة فلتعاقب، ومن تفلت من العقاب فان حكم الله يظل قائماً في ارضه. أما المنقبة لطيفة محمد بشير فتبدى رأيها: «البعض لا يؤيد النقاب ولديه رأي حوله، ولذلك ينتهزون مثل هذه الحوادث القليلة التي ترتكب بواسطة بعض النسوة المجرمات المتخفيات خلف النقاب، للاساءة لبقية المنقبات وللنقاب علماً ان هناك حالات ضبطت واتضح انهم رجال يتسترون خلف النقاب لارتكاب بعض الجرائم المختلفة. المباحث الجنائية مصدر مسؤول بالمباحث الجنائية أكد ان استغلال النقاب في الاحتيال والغش والسرقة من بعض المنقبات ظاهرة تنشط في نهاية رمضان والاعياد، وهي ظاهرة قديمة ولافته للنظر، وهي جريمة ترتكب عادة بواسطة نساء متسولات لاعلاقة لهن بالدين، وسبق ان دونت في مواجهتهن عدة بلاغات وهن معروفات لدى الشرطة. رأي قانوني الاستاذ خلف الله ابو كدوك المحامي يعكس رأي القانون في جرائم المنقبات قائلاً: «كثيرات من النساء أصبحن يستغللن النقاب في اعمال مشبوهة واجرامية، كالاحتيال واستدراج الشباب فالنقاب لمثل هؤلاء النسوة يعتبر شكلاً من اشكال التخفي وليس اقتناعاً به.. عموماً (جرائم المنقبات) ظاهرة خطيرة ودخيلة على مجتمعنا السوداني.. وحسب القانون يمكن ان يخضعن للتفتيش في حالة اتهامهن بالسرقة، والعقوبة على حسب نوع الجريمة وحجم الضرر، وتقدير أو نظرة القاضي. وهناك بعض الآراء تنفي نفياص قاطعاً ارتباط جرائم النساء بالمنقبات، كما يرى حزب الوسط الاسلامي، ولكنه في نفس الوقت لا يستبعد استخدام النقاب في الاحتيال من بعض النسوة ضعيفات الايمان ويقول مبرراً: إذا افترضنا انها ظاهرة من اللائي يرتدينه فمن باب أولى ان يكون دونهن من الملتزمات واعتقد انهن مجرمات اصلاً، وهذا لا يمنع ان تكون هناك حالات منهن، ويضف: أؤكد ان بعض الرجال يتخفون بالنقاب لارتكاب بعض الجرائم المختلفة وامثال هؤلاء يمكن التعرف عليهم بسهولة حتى بدون نزع النقاب عنهم، وذلك بطريقة سيرهم، أو اصواتهم أو تكوينهم الجسماني. الحكم بالظاهر الظاهرة خطيرة.. هكذا وصفت الدكتورة هاجر محمد أحمد الاستاذة بقسم الثقافة الاسلامية، جامعة الخرطوم استغلال النقاب في الاعمال الاجرامية بانواعها المختلفة وتقول: هناك خلاف حول النقاب نفسه، فالبعض يرى انه واجب على المرأة، وآخرون يشيرون انه مستحب وبالتالي غير ملزم للمرأة.. عموماً استخدام النقاب كوسيلة لارتكاب الجرائم المختلفة ظاهرة تسئ للمرأة المنقبة عامة وللنقاب بشكل خاص. ولكن الداعية عبد الحافظ عبد الله محمد من جماعة انصار السنة له رأي مخالف اذ يقول: لاشك ان النقاب كان معروفاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وجاءت الادلة من الكتاب والسنة تشير إليه وتأمر به ففي آية الحجاب أمر الله النساء اذا خرجن في حاجة ان يغطين وجوههن من فوق رؤسهن بالجلابيب، وهو النقاب المعروف كما فسره ابن عباس في الآية: «يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى ان يعرفن فلا يؤذين». ويضيف: حول ظاهرة لبس النقاب من اجل الغش والخداع فان النقاب مأمور به شرعاً والمسلمة مكلفة به وان كان معظم النساء لا يرتدينه لذلك نجد بعض ضعاف النفوس من يستغل النقاب للاحتيال على الناس فينبغي علينا ان نعاقب مثل هؤلاء النسوة اللائي يبدين هذا التحايل. ويقولك يبقى أمر الحجاب قائماً والشريعة تحكم بالظاهر فتعاقب حتى المنقبة اذا ارتكبت محظوراً.