قام القائم بأعمال سفارة واشنطن في الخرطوم جوزيف ستافورد خلال الأيام الماضية بجولات وزيارات طالت بعض الطرق الصفوية ورجالات السجادة داخل ولاية الخرطوم وفي ولايات أخرى قريبة خلافاً لزيارات أخرى وعلاقات غير مخفية للسفير ببعض القوى السياسية والحزبية، الزيارات التي سجلتها عدسات الكاميرات وعرضتها بعض القنوات قذفت بحجر أحدث دوائر وتقاطعات فى بركة مياه علاقات البلدين المتحركة شداً وجذباً وفقاً لتقلبات طقس العلاقة بين الخرطوموواشنطن.. البعض طرح جملة من التساؤلات حول ما وراء تلك الزيارات المتتالية للسفير الأمريكي لقادة الطرق الصوفية. ومن المعلوم ان ستافورد ابتدر زياراته بولاية الجزيرة واختتمها خلال اليومين الماضيين بقرية الكباشى.. بعض المراقبين قرأ الزيارة على انها مسعى جديد للسفير الامريكى هدف من خلاله لاعمال العلاقات الشعبية بين الخرطوموواشنطن بعيداً عن العلاقات الرسمية والدبلوماسية التي ترتفع وتنخفض وتيرة تقاربها وتباعدها وفقاً لمردودات الضغوط وسياسة المد والجزر التى ظلت ديدنا ملازما لشكل وطبيعة العلاقات بين الدولتين على الأقل منذ وصول الإنقاذ الى سدة الحكم. فيما يرى بعض المراقبين أن ستافورد قصد من زياراته التفقدية للطرق الصوفية التعرف عن قُرب على دور المراكز الدينية المهمة. وبحسب تقديراتهم فإن الزيارة قد خلفت أجواءً طيبة واضفت نوعاً من الارتياح لدى الدبلوماسية الامريكية الرسمية لسماحة الإسلام ممثلاً في الطرق الصوفية، وربما أزالت الزيارات بعض غبش الصورة غير الحكيمة التي ظلت الولاياتالمتحدة تدمغ بها الإسلام والمنتسبين إليه.. لكن ذات المحللين يمتد تساؤلهم حول إمكانية أن تحدث تلك الزيارات النوعية الاختراق المطلوب في جدار العلاقات وتفسح المجال أمام مساعي وخطوات التطبيع في ظل وجود هوة عجز السودان عن ردمها وفقد الأمل فى ذلك رغماً عن جملة تنازلات قدمتها الحكومة وصولاً لعلاقات طيبة. وبحسب المتابعات فان زيارات ستافورد قوبلت بعفوية وترحاب من قبل القيادات الصفوية ما عدا القليل منهم، وترددت أنباء عن رفض بعض المشايخ مقابلة الرجل.. ولكن بعيداً عمن استقبل القائم بالأعمال الامريكي ومن رفض ان يفعل ذلك فإن بعض المعلومات اعتبرت زيارة القائم بالأعمال مسعىً منه لإيصال رسالة محددة عجز عن توصيلها دبلوماسياً بسبب التعقيدات وتقاطعات الاهتمامات بين الخرطوموواشنطن على المستوى الرسمي للقطاعات الشعبية بعيداً عن الأجندة والملفات السياسية التي عادةً ما تتسبب في تخريب العلاقات بين الدول. ستافورد وفقاً للمعلومات التى رشحت بعد الزيارات استمع من رجالات الطرق الصوفية مباشرةً الى (كلام في السياسة) لم تعط الاذن الأمريكية الرسمية الفرصة لسماعه وهو أنهم يرفضون من حيث المبدأ مثول اي سوداني لمحكمة الجنايات الدولية اياً كان توجهه وميوله السياسية. مَعنيون بالشأن الدبلوماسي باركوا خطوة القائم بالأعمال الأمريكي هذه المرّة على غير العادة، حيث كان ديدن القائمين بالأعمال لسفارة واشنطن في الخرطوم هو طلب القيام بزيارات لمناطق النزاعات، وكانت الخرطوم الرسمية تتحفظ على منحهم الإذن للقيام بها. ويعتقد المحللون أن ستانفورد ربما قدر أن أقصر الطرق لمعرفة المجتمع السوداني والتغلغل في مفاصله هو الدخول عبر بوابة الطرق الصوفية والأتباع والمريدين تجنباً لإغضاب المسؤولين. ويضيف المحللون ربما يكون ستافورد أراد أن يبعث برسالة مفادها أن الشعب الأمريكى يرغب في تطبيع العلاقات مع شعب السودان خاصةً وان واشنطن الرسمية لم تصل بعد لمرحلة التطبيع مع الخرطوم. بعض المتفائلين يشيرون إلى أن زيارات ستانفورد والرسائل التي صحبتها ربما تفتح كوة أمل لجهة دفع الإدارة الأمريكية بشكلها الرسمي نحو التطبيع ولو بعد حين رغم وجود عقبات ومتاريس جمة أبرزها سَعي واشنطن بشكل روتيني على فرض شُروط جديدة كلّما قطعت الحكومة أشواطاً في سابقاتها واقتربت من الوعود. فيما اعتبر مراقبون الزيارات عبارة عن جولة علاقات عامة سعى القائم بالأعمال الى ولوجها عبر البوابة الدينية والوسائل غير الرسمية.. غير أن الجدل الذي سَبّبته زيارة ستافورد لإحدى الطرق الصوفية دفع بالسفير للتأكيد بأن الولاياتالمتحدة تحترم سيادة الشعب السوداني، بل ومضى لأكثر من ذلك للقول بأنهم طلبوا من المجتمع الدولي مساعدته. من ناحيتها، ظلت الخرطوم في شكلها الرسمي تتهم واشنطن بأنها تقف دوماً الى جانب جوبا وتتجاهل الخطوات والتنازلات الكبيرة وغير المسبوقة التي قام بها السودان من أجل حَسم قضية الجنوب الأمر الذي أفقده ربع مساحته بسبب الانفصال. وبحسب مراقبين فإنّ جولات ستافورد وسط القطاعات الشعبية والدينية مرتبطة الى حد ما بالتطور الإيجابي الذي طال العلاقات بين الخرطوموجوبا في أعقاب توقيع الطرفين على مصفوفة التوقيتات الخاصة باتفاق التعاون المشترك. و يبقى أخيراً القول إنه مهما سعى ستافورد للقيام بخطوات لإحداث الاختراق المطلوب في علاقات البلدين إلاّ أنّه يظل مكبلاً بما يمكن أن تمليه عليه المؤسسات الأمريكية الرسمية داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس وغير الرسمية مُمثلةً في اللوبيات وجماعات الضغط حتى وإن سمح له بمساحات للتحرك وسط القطاعات الشعبية ومنظمات المجتمع المدني السوداني.