حكمة اختلال الموازين أصبح لا يحتاج إلى إشارة أو تنبيه حتى نقف على حجم الانهيار الذي أصابنا من كل جانب ، والأزمة في تقديري ليست في أمثال هذا الكاردينال وتمددهم بهذه الطريقة المثيرة للاستفهام والاهتمام في قناة مثل النيلين ، ولكن الأزمة في تقديري في كم المفاهيم المنحطة الذي أصبح يحاصرنا من كل جانب ، والذي يقف على رأسه الإعلام بكل أسف ، مساندا وداعما ومروجا ، ولن أعفى مجالس الإدارات من المسؤولية المباشرة في التكريس لهذه المفاهيم المنحطة . الكاردينال مشجع متواضع في الطرح والرؤية وسطحي في تقديم الفكرة وركيك في اختيار المفردات ويكفي الحلقة التي خصصتها قناة النيلين للترويج له فكانت الصورة الفكاهية التي أثارت السخرية والتندر في المجالس وجعلت السؤال الأبرز عند الكثيرين ( هل سيكون هذا الشخص رئيسا لنادي الهلال؟) فهذه قدراته وإمكانياته التي لا يلام عليها. عندما أضع الإعلام على رأس قائمة الداعمين للمفاهيم المنحطة ، لأن الإعلام مقروء ومسموع ومشاهد ، أصبح يباع ويشترى على عينك يا تاجر في السوق الكبير ، وحتى لا أعمم أقول بعض الإعلام ، وخطورته في أنه إعلام نافذ في المؤسسات الصحفية وبقية وسائل الإعلام الأخرى ، بمعنى أنه المتحكم في القرار فهو الذي يحدد وجهة الصحيفة أو المؤسسة الإعلامية ، ويقودها وفق أجندته الرخيصة وتقاطع مصالحه مع الحكومة أو أفراد من رجال أعمال ومال أو رجال مال فقط و(الفرق بين الاثنين كبير بكل تأكيد) أو أن تكون هذه التقاطعات والمصالح مع مؤسسات وجهات أخرى . فهذه القيادات الإعلامية تجيد حراسة مصالحها ، وتقاتل بشراسة في الدفاع عنها ، فنجدها تمنع أي رأي مخالف يمكن أن يهدد هذه المصالح، وهؤلاء السادة يعيشون بيننا يتحركون وسطنا لا يخفون توجهاتهم ، ولا يتورعون في استخدام أحط الأساليب لتمرير أجندتهم ومصالحهم الشخصية . حولوا السلطة الرابعة إلى سوق للعرض والطلب يبيعون فيه بضاعتهم بأغلى الأثمان وأبخس الأثمان ، نجدهم يرغون ويزبدون ويهددون بالويل والثبور وعظائم الأمور إن تجرأ صحفي ومس أحد أولياء النعمة ،هم حراس بكل ما تعني هذه الكلمة ووصل الأمر مراحل متأخرة داخل المؤسسات الصحفية والإعلامية ،لدرجة أنهم صاروا يغضبون لغضب ولي النعمة ويفرحون لفرحهم ، ولا يتورعون في زجر صحفي أو معدة برامج أو مذيع لأنه تجاوز الخطوط الحمراء وأدخلهم في حرج وربما تعرضوا بسببه للحرمان من الامتيازات المعروفة فيأتي الاعتذار المهين للمؤسسة الإعلامية أو الصحفية. وبالتالي طبيعي أن تفرز هذه الأجواء المقرفة لمهنة نبيلة مثل الصحافة على وجه الخصوص والإعلام بصفة عامة هذه الصورة القاتمة ، وهي صورة لا تنفصل عن الواقع المر الذي نعيشه في كل المجالات التي أصبحت فيها الكفاءة عملة نادرة ، حتى الموجود من هذه الكفاءات أصبح غير موجود ويعيش في الظل ، وبالتالي يجب ألا نستغرب أو تصيبنا الدهشة عندما يعلن مشجع مثل الكاردينال أنه رئيس الهلال القادم ، ويجب ألا تفقع مرارتنا عندما نستمع إليه وهو يوزع علينا كل الركاكة الممكنة ، ويجب ألا نصاب بأمراض القلب والطحال والضغط والسكري عندما نتذكر أنه ذات الكاردينال الذي أطلق تصريحا شهيرا بشرائه عضوية في نادي الهلال بقروشه ، وللعلم فقط يتحدث عن (بشر) وليس عضويته الشخصية ، ما هو الغريب ونحن أمام هذه اللغة (الزرائبية) تشتري غنم ممكن ؟ تشتري خراف ممكن؟ ولكن عضوية ؟ كيف؟!! عموما هو زمنهم . وزمن إعلام النخاسة. أواصل ...