ضياء الدين بلال يكتب: نحن نزرع الشوك        أقرع: مزايدات و"مطاعنات" ذكورية من نساء    بالصور.. اجتماع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للقوات المسلحة و عضو مجلس السيادة بقيادات القوة المشتركة    وزير خارجية السودان الأسبق: علي ماذا يتفاوض الجيش والدعم السريع    محلية حلفا توكد على زيادة الايرادات لتقديم خدمات جيدة    شاهد بالفيديو.. خلال حفل حاشد بجوبا.. الفنانة عشة الجبل تغني لقادة الجيش (البرهان والعطا وكباشي) وتحذر الجمهور الكبير الحاضر: (مافي زول يقول لي أرفعي بلاغ دعم سريع)    شاهد بالفيديو.. سودانيون في فرنسا يحاصرون مريم الصادق المهدي ويهتفون في وجهها بعد خروجها من مؤتمر باريس والقيادية بحزب الأمة ترد عليهم: (والله ما بعتكم)    شاهد بالفيديو.. لاعبون سودانيون بقطر يغنون للفنانة هدى عربي داخل الملعب ونجم نجوم بحري يستعرض مهاراته الكروية على أنغام أغنيتها الشهيرة (الحب هدأ)    غوتيريش: الشرق الأوسط على شفير الانزلاق إلى نزاع إقليمي شامل    الدردري: السودان بلدٌ مهمٌ جداً في المنطقة العربية وجزءٌ أساسيٌّ من الأمن الغذائي وسنبقى إلى جانبه    أنشيلوتي: ريال مدريد لا يموت أبدا.. وهذا ما قاله لي جوارديولا    سوداني أضرم النار بمسلمين في بريطانيا يحتجز لأجل غير مسمى بمستشفى    محاصرة مليوني هاتف في السوق السوداء وخلق 5 آلاف منصب عمل    غوارديولا يعلّق بعد الإقصاء أمام ريال مدريد    امين حكومة غرب كردفان يتفقد سير العمل بديوان الزكاة    مدير المستشفيات بسنار يقف على ترتيبات فتح مركز غسيل الكلى بالدندر    نوير يبصم على إنجاز أوروبي غير مسبوق    تسلا تطالب المساهمين بالموافقة على صرف 56 مليار دولار لرئيسها التنفيذي    مناوي ووالي البحر الأحمر .. تقديم الخدمات لأهل دارفور الموجودين بالولاية    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    منتخبنا يواصل تدريباته بنجاح..أسامة والشاعر الى الإمارات ..الأولمبي يبدأ تحضيراته بقوة..باشري يتجاوز الأحزان ويعود للتدريبات    بايرن ميونخ يطيح بآرسنال من الأبطال    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    العين يهزم الهلال في قمة ركلات الجزاء بدوري أبطال آسيا    مباحث المستهلك تضبط 110 الف كرتونة شاي مخالفة للمواصفات    قرار عاجل من النيابة بشأن حريق مول تجاري بأسوان    العليقي وماادراك ماالعليقي!!؟؟    الرئيس الإيراني: القوات المسلحة جاهزة ومستعدة لأي خطوة للدفاع عن حماية أمن البلاد    بعد سحق برشلونة..مبابي يغرق في السعادة    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    خلال ساعات.. الشرطة المغربية توقع بسارقي مجوهرات    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    وزير الخارجية السعودي: المنطقة لا تحتمل مزيداً من الصراعات    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    أحمد داش: ««محمد رمضان تلقائي وكلامه في المشاهد واقعي»    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تقرير: روسيا بدأت تصدير وقود الديزل للسودان    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    ما بين أهلا ووداعا رمضان    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات حارتنا
نشر في الرأي العام يوم 06 - 04 - 2013

هذه حكايات تنفتح على كل الوطن، ربما تأتي من الماضي، أو ربما الآن. ولكنها في كل الأحوال هي رؤيا للمستقبل. يسردها ضمير غائب ولكنه حاضر يشهد على كل الأزمنة.. وهي في نفس الوقت تصوير
للخاص والعام معاً.. هي خيال خلاق، يجمع بين المحلي والكوني وينبض براهنية عصرنا الحديث. إذاً هي قراءة للحياة، في نقطة التماس بين القومي والكوني.. لذا تصلح لأن تكون مفتاحاً لتفسير الراهن!
«المحرر»
سعد وتجديد الغناء
? الصحفي الكبير والشاعر الجميل سعد الدين إبراهيم أصدر ديوانه الجديد بعنوان أغنيته الأشهر «العزيزة» التي كانت طليعة تجديده في الشعر الغنائي حيث جدة الموضوع وجدة القاموس الشعري، تلك الحماسة الجمالية التي استطاعت ان تأتي بالصور الشعرية غير المعهوده في الشعر السوداني الحديث كله.. وتابع سعد الدين إبراهيم هذا الخط فيما كتب بعد ذلك من غناء شكلاً ومضموناً.. وشعر سعد يأتي متسقاً في الشكل وفي المضمون مع كل ابداعاته في الفضاءات الجمالية المتنوعة التي تشمل أجناساً ادبية متعددة فهو أهم و ابرع من كتب القصة المأخوذة من الواقع السوداني كقصته التي أفرحت «الشوش» في مجلة الدوحة وهي بعنوان «باب السنط»..
? سعد الدين أبدع في مجال الأدب الاذاعي والدراما التلفزيونية ، وله لمساته في الصحافة السودانية الجديدة.. والتجديد عنده طبع وفطرة.
الصحافة الفنية عوامل الصعود والهبوط
? الصحافة الفنية.. صحافة يسهل الغش فيها.. إذ ان الخيط رفيع جداً بين المستوى الجيد فيها والمستوى المتدني الذي يمكن ان تصل إليه من الممكن جداً ان تأتي بأحداث وبأبطال من صنع خيالك الخاص دون اسناد لمصدر حقيقي وتضرب بذلك ضربات صحفية فيها الكثير من ادعاء السبق.. ومن الممكن أيضاً ان تأتي بالمثير الخطر.. ولكنه تلفيق خيال أدبي واسع.. الصحافة الفنية الجيدة هي تلك التي إلى جانب انها مسلية، فهي مفيدة إذ تزود قارئها بالمعلومات وتحلل له الأحداث عبر نقد فني شامل المعرفة ممتلكاً للمنهج وبعيداً من الهوى والغرض وذلك لأنه يتحصن من الزلل لمنهج علمي صارم..
الصحافة الفنية الجيد ة مسنودة بشئ أساسي هو المعرفة المحيطة بكل أجناس الفنون وهي لهذا تعرف ان الغناء ليس هو الفن الوحيد..
علينا ان نعرف ان رواج الغناء وجعله هو «الفن» عندما نتكلم عن الفن.. ان هذا الحصر المعرفي جاء بسبب جهالة الصحافة الفنية وضعفها المنهجي في بداياتها..
علينا إذاً ان نرتفع إلى المفهوم المهني لكلمة صحافة فنية..
الأساطير العربية في الأغنية السودانية
نقصد هنا بالأغنية السودانية أغنية الحقيبة على وجه التحديد. فهي أغنية جاءت بسبب المؤثرات الثقافية العربية.. تلك التي انتقلت عبر بعض السرديات العربية الكلاسيكية.. كملحمة عنتر وعبلة وكحروبات الفرس والروم مع الدولة الاسلامية.. وهذا ما نجده عند بعض شعراء الحقيبة الذين اشاعوا بعضاً من هذه الأجواء داخل الأغنية.. وهذا ما فعله خليل فرح «بين جناين الشاطئ وبين قصور الروم، حي زهرة روما وابكي يا مفروم».. وسيد عبد العزيز في أغنية «ياقائد الأسطول».. لاحظ ان حياتنا السودانية لا تعرف الأساطيل البحرية أو النهرية.. اما سيد عبد العزيز في أغنيته «أنة المجروح» يقول: «ياعنب جناين الشام بحبي ليك ابوح».
وهكذا تجد شعراء ذاك الزمان يستوحون الشعر من ثقافاتهم وتأثراتهم الفكرية والوجدانية.. ومما لا شك فيه ان الاغنية السودانية قد تأثرت كثيراً في تلك الأزمان بالثقافات المحيطة بها.. بل ان هناك أغنيات كاملة كأغنية «ياحمامة» لعبد الرحمن الريح مستوحاة من الممثلة المصرية «فاتن حمامة».. كما ان هذا التأثر بالمحيط الثقافي العربي الكلاسيكي والمحدث قد جعل بعض المطربين يتغنون بقصائد عربية معاصرة شهيرة كما غنى أحمد المصطفى لأيليا أبو ماضي «وطن النجوم».. وغنى حسن سليمان «عذبة أنت كالطفولة» للشابي..
الإذاعة السودانية والإنجاز الثقافي
? في دراسات قدمها مركز الصفوة التابع لشركة الأيام للصحافة والمطبوعات والذي ترأسه الاستاذة صباح محمد آدم.. قدمت الأوراق الخاصة بورشة التوصيل الثقافي والإعلامي في ندوة عقدت بأحدى قاعات الاجتماعات بمباني الاذاعة السودانية بام درمان، تحدث فيها عدد من خبراء الثقافة والإعلام.. وفي تلك الدراسات جاء ان الاذاعة السودانية «إذاعة ام درمان» هي أهم المؤسسات التي قامت بنشر الثقافة السودانية بين ربوع السودان وذلك من حيث السهولة في الذيوع وفي عدم ارتفاع تكلفة الصناعة الثقافية. وقد اقيمت هذه الورشة الثقافية بالخميس الماضي 4/ أبريل..
أبو سبيب و(أنسنة) الأشياء
? الفنان التشكيلي الكبير عبد الرحمن أبو سبيب جاء إلى الوطن منذ مدة قصيرة.. فأعادت لوحاته للخرطوم حيويتها التشكيلية خاصة في الأيام الأخيرة عندما غابت الأسماء الكبيرة.. عاد الصلحي إلى لندن وانزوى شبرين.. ورحل عبد العال.. وانشغل راشد دياب بمركزه الثقافي.. ورسم ابو سبيب «شجرة» ضخمة خضراء وأجلس تحتها كل الريف السوداني كما لو كانوا في جلسة وفاق قومي يؤاخي بين كل الثقافات .. ما يميز ابو سبيب هو انجاز اللوحات والبعد عن التنظير الذي أصبح سمة فارقة داخل حركة التشكيل السوداني.. حيث تخترع للوحات عناوين وتوضع اللوحة موضع الفكرة التي تبحث الشأن الفكري البحت.. وتتحول كل الاشياء داخل اللوحة إلى رمز ومرموزات.. ولكن ابو سبيب يعرض عليك الاشياء كما هي باسمائها هي دونما تحويراأو تعديل.. فهو لا يؤنسن الأشياء.. فالأشياء تنقل على ذاتها.. وتكتفي بان تشير إلى نفسها بوصفها شيئاً.. لا فكرة أو طيفاً.. هي شجرة ضخمة وافرة الخضرة والظلال ولك ان تراها كما تحب دونما ان يفرض ابو سبيب أي معنى خاص على المتلقي أو على اللوحة.
متى يحرق الفنان نفسه؟
كثيرون هم الفنانون.. وفي شتى مجالات الفن.. يحرقون أنفسهم.. أي أنهم لا يحتاطون لإدارة أنفسهم.. متى يظهرون؟ وكيف يختفون مؤقتاً عن عدسات التصوير؟.. وكيف يصبحون مركز اهتمام جمهورهم الذي يتابع أعمالهم الإبداعية بالشغف اللازم.. كل الفنانين في العالم الحديث اليوم يوكلون إدارة هذه الشئون لمدير أعمال متخصص في كيفية إخفاء الفنان وكيفية إظهاره.. وفي كيفية ادارة إنتاجه، ليس بناء على طلب السوق فيغمره فيكسد المنتوج!
على الفنان ان يعرف المسافة التي يتحرك فيها قرباً وبعداً من الجمهور.. الا يظهر كثيراً فيصبح حملاً، وألا ينزوي فيغمره النسيان.. ومن المهم ألا يمتدح نفسه كثيراً وألا يصور نفسه بأكبر من حجمها الحقيقي.. وفي النهاية عليه ان يكون حقيقياً وان يستدفئ بصحبة الناس حتى وان لم يتواجد بينهم على الصعيد اليومي.. وأقصر الطرق إلى الناس هو صدق الفن نفسه!!
وهكذا كان الفنانون الكبار في السودان، وفي كل الدنيا!!
الربيع العربي
تجارب التغيير السياسي «الثوري» غير الديمقراطي علمت ثورات الربيع العربي درساً مهماً وبليغاً.. هو ألا تكف الثورة أبداً عن الاستمرار مشتعلة.. إذ لا تزال حتى الآن الثورة في تونس وفي مصر وفي ليبيا تواصل اشتعالها.. عندما قامت ثورة اكتوبر1964 في السودان «خطفها تيار سياسي واحد من بين التيارات التي كانت تغذيها.. وكذلك حدث المثل في ثورة أبريل والآن الثورة في مصر تصحح أوضاعها المغلوطة وفي ليبيا وفي تونس كذلك.. فالربيع العربي هو ربيع سياسي متجدد التفجر .. وهو يسعى لرسم صورة ارادة الشعب العربي على الواقع كما الاشواق والأحلام ذاتها..
التنمية الاجتماعية والتنمية الثقافية
الأمران مرتبطان.. إذ ان الغرض من التنمية الاجتماعية هو النهوض بمقدرات المجتمع في الانتاج الحضاري، سياسياً واقتصادياً وتربوياً.. وهي كلها أهداف لا يمكن تحقيقها، إلا برفع الطاقة الفكرية والوجدانية للمجتمع، إذ من خلال هذه التنمية الثقافية يمكن رفع معدلات الانتاج على المستوى الروحي للأمة.
ولهذا فلا بد من ان يكون هناك تخطيط ثقافي استراتيجي داخل المؤسسات الثقافية.
ولكننا إذا ما نظرنا لهذا الأمر على مستوى الواقع التطبيقي، نجد ان المؤسسات المعنية بهذا الأمر بعيدة جداً عن هذا كله.. وأولى المؤسسات القومية فقراً في هذه الرؤية هي مؤسساتنا الحزبية.
فعندما يأتي الحزب إلى الحكم، فهو يحكم دونما أية خطة للنهوض بالمجتمع تنموياً.. فهو لا يهتم برفع قدرات الإنتاج لدى أفراده، أو بتنوير عقولهم ووجداناتهم، من حيث مدهم بالمعلومات الهامة التي يمكن ان تستخدم كأداوات فعالة وهامة في عملية تغيير الواقع الاجتماعي لما هو أفضل، واجتياز حاجز التخلف الحضاري والوصول إلى الغايات القومية الاجتماعية العليا..
من معوقات عمليات التنمية هذه بنوعيها، الثقافي والحضاري ان وسائل الاتصال الاعلامية من صحافة وإذاعة وتلفزيون لا تعنى إلا بجانب واحد من عملية الاتصال، وهو إرسال خطابات إعلامية، تعني فقط بالأخبار وتصوير الأحداث والوقائع.. أو إعطاء معلومات رقمية مجردة.. أو تصوير هذه الأحداث بطرق مثيرة تجذب انتباه المتلقي.. الشئ الذي يجعل جانب التسلية وقطع أوقات الفراغ هو الهدف الأساسي لتلقي هذه المادة الإعلامية..
ولهذا تسيد الحدث والخبر، وتراجعت المادة الثقافية الإبداعية، والمادة التي تحلل خلفيات الأحداث والوقائع، والمادة المعرفية التي تمد المتلقي بالمعارف المختلفة، تلك التي تجعله قادراً على المشاركة في الأحداث العالمية والإقليمية التي تحدث حوله، بحيث يستطيع صنع علاقات مع العالم حوله اقتصادياً وثقافياً وسياسياً..
إن رفع قدرات أفراد المجتمع على الانتاج كماً ونوعاً يعتمد علي هذه التنمية في شقيها الثقافي والاجتماعي.
الكاتبون في علم الاجتماع
? بدأت الدراسات في علم الاجتماع السوداني مبكرة جداً، لان بعض المفكرين والكتاب كانوا قد بدأوا مشروعهم هذا وهم ينظرون المشكلات الاجتماعية التي تحيط بهم.. وقد تأملوا هذه المشكلات من موقع تجاربهم واحتكاكهم العملي بالمجتمع من خلال الموقع الذي وجدوا انفسهم يتحركون من خلاله. لذا كانت كتابات الرائد حسن نجيلة في كتابه ملامح من المجتمع السوداني، وهناك التيجاني عامر وملاحظاته حول الحراك الاجتماعي.. أما الدراسات التي قام بها الذين أتوا بعد هؤلاء الرواد فقد كانت تتبع منهجاً في الدراسات الاكاديمية الأكثر انضباطاً في اعتماده على طرائق البحث العلمي.. فكانت كتابات الدكتور عبد الله علي إبراهيم وكتابات الدكتور حيدر إبراهيم، وهي دراسات تنظر في الظاهرة وتقوم بتفكيكها ووضع الحلول لها.. إلا أن الظاهرة الاجتماعية لا يمكن ان تفصل عن محيطها الاجتماعي العام المكون من بنى عديدة منها الاقتصادي والثقافي والسياسي والنفسي، مما يستدعى دراسات أخرى مصاحبة للدراسة الاجتماعية .. كما يحدث عند دراستنا للأطفال في المدارس حينما يتابع أحوالهم داخل المدرسة الاختصاصي الاجتماعي والاختصاصي النفساني وذلك لان الظاهرة الاجتماعية قد تكون متبوعة بعوامل عديدة تنتمي لحقول علمية أخرى مجاورة.. مما أدى الآن لوجود دراسات كثيرة متقدمة في علم الاجتماع في السودان الحديث..
الانفراجات السياسية
تسود الأجواء السياسية السودانية الآن تيارات انفراجات سياسية تمثلت على خير ما يكون في العفو الرئاسي العام نحو السجناء السياسيين، مما يشكل جواً مساعداً للحوار السياسي بين ألوان الطيف السياسي الشديد التنوع.. والذي هو أقرب للاختلاف والنزاع منه للائتلاف أو الاتفاق أو الوفاق.. وذلك قد جاء في ظروف سياسية دقيقة وحساسة بالنسبة للمسار السياسي العام.. وهذا يقتضي بدوره بذل الكثير من الجهد لإدارة الامور عند من بيده عقدة الأمر وحلها.. إذ أن هذه المسئولية.. مسئولية الحوار تفرض عبئاً جديداً هو محاولة التقريب بين المتنافرات والمتناقضات وتقريب الفجوات بين القوى السياسية.. على الأقل عند مستوى وجهة النظر والأمل القوميتين، مما يمكننا من المضي بالسودان قدماً..
الكاتب الموقف الكاتب الأسلوب
يقول الفرنسيون إن الأسلوب هو الرجل.. ولهذا فإن النص المكتوب هو تعبير عن هذا «الانسان» عن «هذا الكاتب» في أوضاعه كافة وفي ماضيه وحاضره.. والنص هنا مفتوح على المستقبل بمعنى أنه قابل للتطوير والتغيير بمثلما يكون صاحبه مفتوحا كمشروع على ذات المستقبل.. فكيف ما يكون الكاتب يكون نصه..
فالكاتب يكتب من كل حصاده الحياتي والمعرفي.. وهو خاضع لكل التأثيرات التي تحيط به. فهو يعبر عن زمانه تطابقاً أو مفارقة.. وهناك الكاتب الذي يخدم اللغة وهناك علي العكس الكاتب الذي يجعل اللغة تخدمه.. هناك الكاتب الذي يتحذلق ويشعل النيران في غابات اللغة.. وتكون تلك هي لعبته المسلية..
وهناك من يستعرض باللغة الكلاسيكية القديمة استعراضاً لمرجعياته.. وبالتالي يتفرغ النص من شحناته الدلالية ومن أفكاره.. ويعيد أصواتاً تدوي بلا طنين..
الكتابة هي في النهاية تعبير عن موقف يحيط بفكرة ما.. توجه إلى المتلقي كخطاب يسعى لتضامن انساني مع أو ضد العالم حولنا!!
? طبعاً هذا المضمون يتضافر مع الشكل الذي نختاره كمحتوى تعبيري.. إذ لا يمكن الفصل بين الشكل والمضمون.. والكتابة التزام كما يقول جان بول سارتر.
الحلنقي فنان عملي جداً
إسحق الحلنقي فنان مطبوع.. له قدرة عجيبة على كتابة الشعر، الصور والرنين السلس.. وهو كاتب من ذاك النوع الذي تجده في داخل تيارات الحياة الإبداعية العالية الخبرة.. تلك التي تتوافر لها مؤسسات صناعية ابداعية كبيرة مثل حركات صناعة السينما في هوليود أو مؤسسات صناعة المسرح في برود واي أو شارع الهرم بالقاهرة أو شارع الحمراء ببيروت حيث توجد شركات الانتاج الكبرى.. وهو فنان عفوي وحر وتلقائي ولكنه صانع ماهر، هو يجمع أجمل ما في البحتري وأبو تمام.. يمكن ان تعطيه لحناً موسيقياً يعطيك مقابل iالشعري كأجمل ما يكون.. واسحاق لا يشطب كثيراً في النص ولا يعيد كتابته.. فالنص يأتي مكتملاً من الضربة الأولى.
ارتفع بمطربين بدونه ما كانوا ليصنعوا شيئاً.. التاج مكي وصالح الضي.. أصوات لا تعرف قدراتها الكبيرة إلا مع الحلنقي. وهو من فعل الأعاجيب مع صوت الطيب عبد الله فى «المصيرك تنجرح» و«الابيض ضميرك»«..
الإخراج الصحفي
من المؤكد ان الإخراج الصحفي ليس عملاً فنياً زخرفياً، ولا هو عمل جمالي بلا قيمة وبلافائدة محددة.. هو قطعاً عمل يقصد به مساعدة النص المكتوب إلى المتلقي بالصورة السهلة والمحفزة لاهتمامه والداعمة للقراءة بوصفها عملاً تأويلياً.. وفي النقد الأدبي الحديث يعتبر الإخراج الطباعي للمادة هو نوع من التناص.. بمعنى ان شكل الحرف الطباعي والبنط الطباعي و صف الجمل وطريقة وضعها هي جزء من تكوينات النص.. لذا فإن الإخراج الجيد للنصوص ان كانت في الصحافة أو في الكتب والمجلات أو على الشاشات الإلكترونية هي كلها عوامل تدخل في التركيب العام للنص.. وتسمى بالتناص الخارجي.. بل ان غلاف الرواية «الخارجي وشكل العنوان كلها أجزاء من النص الروائي»..
هناك صحافة جميلة الشكل.. ويأتيك هذا الجمال كانطباع أولي.. يسيطر على ذائقتك فتسقط كل الجمال على كل الصفحات.. ثم على المضامين التي تأتي داخل هذه النصوص ..
إذاً فإن الإخراج الصحفي الجيد هو ما يتبع استراتيجية خاصة في التوصيل. ولهذا فأنت تجد ان لكل صحيفة إخراجها الذاتي الخاص الذي يفصح عن شخصها تلك التي يتبعها تحريرها العام.. ولهذا فإن الإخراج مرتبط كل الارتباط بالتحرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.