السياحة في بلادي عالمٌ مظلومٌ.. نبحث عنه في الخارج وهو بين أيدينا.. (وطن حَدّادي مَدّادي) مُترع بجمال خلاب وطبيعة ساحرة ومناخات مُتعدِّدة وأجواء آسِرّة.. سهولٌ ووديانٌ وأنهارٌ وآثارٌ.. تاريخٌ عظيمٌ وجغرافيةٌ سخيةٌ توّجت السودان كأفضل (5) دول في العالم من حيث الإمكانات والجواذب السياحية. بإمكاننا أن نسوق صورة فاضلة ووسيمة لهذا الوطن بطريقة أفضل إذا أحسنّا تقديم وجهه (الآخر) إلى العالم.. لا تنقصنا أكثر من الإرادة التي ينبغي أن تنهض الآن خاصةً بعد نجاح تجربة مهرجانات البحر الأحمر واندياح الفكرة لتمر عبر نهر النيل وتصل إلى كسلا، لتستعد الخرطوم لاستضافة المعرض العالمي للسياحة والتسوق اعتباراً من يوم غد. نهاية العام المنصرم كانت لجان المركز العربي للإعلام السياحي أحد أذرع الجامعة العربية في رصد التحولات ذات الصلة بالسياحة العربية تنعقد في دبي.. حملت مطبقات وسيديهات وأوراقاً وأرقاماً وذهبت إلى مقر الجوائز لأضع الخرطوم وبورتسودان في قائمة التنافس حول المدن الأكثر نمواً في مجال السياحة العربية.. كنت سعيداً واللجان المختصة تحتفي بصورة جديدة للسودان بعيداً عن أخبار الكوارث والحروب والأزمات الأمنية والإنسانية.. بداية العام الجديد كانت اللجنة تعلن فوز المدينتين بالجائزة.. فعلت ذلك دون أن أستأذن الواليين محمد طاهر ايلا وعبد الرحمن الخضر لأني أرى أنّني شريكٌ كذلك في هَم هذا الوطن.. جئت لهذين الواليين ب (النجيضة).. وأحسست حينها أننا نظلم أنفسنا كثيراً حينما لا نحتفي بالإمكانات السياحية التي وهبها الله لهذا الوطن الجميل. الجهود التي يبذلها د. محمد عبد الكريم الهد وزير السياحة والآثار والحياة البرية، أعلم أنها تتجاوز إلى حد كبير إيقاع الدولة الرتيب في الاهتمام بالسياحة.. الهد ينتزع الآن فرصاً لإنعاش هذا القطاع من العدم ويعمل على تحقيق نصرٍ عزيزٍ لهذا البلد رغم ضعف التمويل و(طناش) جهات عديدة (تَتفرّج) على الرجل وهو يحاول أن يغرس بذرة فاضلة في أرض قمينة بأن نقدمها إلى العالم بجواذبها الباهرة وإمكاناتها الكبيرة. فُرصٌ كثيرةٌ تنتظر السودان في هذا التوقيت بالذات، والتطورات السياسية تنقل مشهد السياحة من دول عديدة وتهيئ مسرحنا الأسمر لاستضافة السياحة العربية.. الهد الآن يمضي ثائراً لتحطيم القيود والأغلال القديمة.. الرجل رغم سلفيته يجعل من وسائل الإعلام تتحدث الآن عن السياحة بعد صمتٍ مُبينٍ.. إعلانات السياحة تملأ الشوارع والصحف.. بدأت العافية تدب في الأوصال، والهد ينفض الغبار عن الوزارة المنسية والقطاع المُهمل.. الملمح المهم في (ثورة الهد) تنزع من مناهضي السياحة حجة (بايخة) ظلت تقف عائقاً أمام مساعي المجتهدين في هذا المجال تضع السياحة في دائرة الحرام. ليس هنالك من يدعي قوامة على الدين والأخلاق والوزير السلفي يتحرّك لتنشيط السياحة التي لا أظن أنها تتعارض مع القيم لأنها دعوة للخير والجمال، وموردٌ مهمٌ لإنعاش اقتصادنا الوطني.