هذه حكايات تنفتح على كل الوطن، ربما تأتي من الماضي، أو ربما الآن. ولكنها في كل الأحوال هي رؤيا للمستقبل. يسردها ضمير غائب ولكنه حاضر يشهد على كل الأزمنة.. وهي في نفس الوقت تصوير للخاص والعام معاً.. هي خيال خلاق، يجمع بين المحلي والكوني وينبض براهنية عصرنا الحديث. إذاً هي قراءة للحياة، في نقطة التماس بين القومي والكوني.. لذا تصلح لأن تكون مفتاحاً لتفسير الراهن! «المحرر» الرواية العربية وتجديدات الموضوع والشكل ? روايتان عربيتان تثيران أسئلة نقدية ملحة ومهمة.. والروايتان هما «الأسود يليق بك» لأحلام مستغانمي.. ورواية «عمارة يعقوبيان» لعلاء الدين الأسواني.. ورغم أنهما صورتان في فترتين متباعدتين، إلا أنهما تشيران لظاهرة عامة تتعلق بمستقبل الرواية العربية من حيث ارتباطها بالقضايا الاجتماعية العربية الراهنة وبالقضايا السياسية أيضاً.. لا سيما وأننا نقرأهما الآن في ذات الفترة التي اندلعت فيها ثورات الربيع العربي.. ورغم أن الثيمة العامة لكل من الروايتين على حدة لا يجئ فيها شئ من وقائع الربيع العربي، إلا أن الصورة الاجتماعية العامة للربيع العربي هي ذات الصورة.. والأسباب هي ذات الأسباب التي دفعت لهذه الثورات.. فهناك تفاصيل ذاتية خاصة بكل ثورة على حدة.. وهي ما يمثل خصوصية الثورة كحدث داخل كل بلد ويعطي هذه الثورة ملامح خصوصيتها التي تختلف عن خصوصية الثورة الأخرى في البلد الآخر.. أما الإطار العام الذي ينظم الشمولية العروبية لهذه الثورات فهو فقدان الحرية السياسية وسيادة ديكتاتورية الحكام، وذلك لمدة طويلة من الزمن.. إذ بلغت في تونس قرابة نصف القرن «وهي مدة دوام حكم أبو رقيبة ومدة حكم ابن علي» و كذلك الأمر ما بين الدكتاتورية الناصرية «ناصر والسادات حتى « حكم مبارك» وهو ما يصل إلى نصف القرن أيضاً.. ? رواية «عمارة يعقوبيان» تدور في القاهرة أيام مبارك وتصور أحوال تلك الفترة التي تمثل في مناخها العام الأسباب التي أدت لقيام ربيع مصر السياسي الآن.. وإذا دققنا فيها النظر نجد أن الرواية تمسك بالخيط الذي ما زال يمسك بعقدة الأشياء في استمرارها حتى الآن بعد الانتفاضة ضد مبارك.. ولكن رواية «الأسود يليق بك» رغم أن أحداثها تدور الآن.. ثم تتراجع لتصل لأهم فترات الجزائر السياسية.. كما لو كان هناك حدث أساسي ما زال يجري مع تيار الزمن العام ليربط كل أزمنة الجزائر وأزمنة العرب المعاصرة.. ? وهكذا يتفق الكاتبان مستغانمي والأسواني في المنهج السردي ويختلفان.. ? رواية «عمارة يعقوبيان أتت بكل التفاصيل الحية للقاهرة في عهد مبارك.. ورصدت التفاعلات بين هذه التفاصيل في جدليتها اليومية الحية ورصدت كل الاحتمالات الممكنة للتغيير الآتي الممكن والذي يتوقع السارد حدوثه في المستقبل.. وذلك لأن كل قراءة نقدية جادة كانت تستطيع رؤية ما يمكن أن يحدث وفق هذه المقومات المنطقية لواقعة التغيير والتي جاءت متوافقة مع توقيت الربيع العربي.. ? ولكن يأتي سؤال مهم.. هو هل كل هذا الجهد الروائي الذي أفلح في قراءة الواقع .. هل هذا يجعل لهذه النصوص الروائية حق الريادة في ارتياد مكانة طليعية منها يمكن للرواية العربية أن تجدد مسارها بعد محطة الرواد المحدثين.. محفوظ والطيب صالح وجبرا إبراهيم جبرا وادوارد الخراط وصنع الله إبراهيم وحيدر حيدر.. ورغم كل هذا الجهد.. نجد ألا شئ يحدث في العمق!! ? مستغانمي لم تفعل شيئاً جللاً سوى أنها أشعلت النيران في غابات اللغة.. وجاءت بلغة سردية براقة متموجة كقوس قزح.. أما الأسواني فقد ترادفت أصوات السرد الكلاسيكي المحدث عند إحسان عبد القدوس والسباعي ونجيب محفوظ في روايته التي أثارت غباراً نقدياً كثيفاً «عمارة يعقوبيان».. ? قبل «عمارة يعقوبيان» وقبل «الأسود يليق بك».. نجد رعويات الروائي الليبي «إبراهيم الكوني» وروايات اللبناني «معلوف» والصومالي «محمد فرح» وسرديات المغربي «محمد شكري».. وكلها حاولت أن تقدم فتوحاً روائية جديدة تعبد الطريق للتجريب ولحداثة روائية حقيقية.. ولكن هذه الجهود توقفت لأنها لم تجد نقداً يملك نفس هذه الحماسة الإبداعية، وتفتقر روحه للمغامرة في فضاءات الدهشة الجمالية الأولى وغير المعهودة!! ? وهكذا انسدت كل الطرق أمام الرواية التي تستشرف مستقبلها الآتي والجديد!! ? إلا أننا نلاحظ أن هناك كتاباً جددا يطلون عبر مسابقات الرواية في الخرطوم «زين» وفي الخليج «البوكر» وفي القاهرة «محفوظ» يكشفون عن رواية عربية جديدة ما زالت تتخلق شكلاً ومضموناً.. وأنها في ذات الوقت تصنع نقدها الجديد.. إذ أن النقاد القدامى لا يستطيعون الإمساك بقواعد هذه الرواية الجديدة.. فيلم شاطئ الغرام ..وصخرة ليلى مراد ? فيلم شاطئ الغرام من انجح أفلام المطربة المصرية ليلى مراد .. وهو من بطولة وإخراج حسين بركات، وليلى مراد اسمها الأصلي «ليليان» وهي من أصل يهودي.. والدها زكي مراد.. مثلت 27 فيلماً ومن أهم أفلامها «غزل البنات» من أخراج زوجها أنور وجدي وهو الفيلم الذي ظهرت فيه هند رستم كومبارساً.. «الخمسينيات» .. ما زال أهل مصر يسمون الصخرة التي على شاطئ «مرسي مطروح المصيف المشهور» بصخرة ليلى مراد والتي جلست فوقها و هي تغني «الميه والهوا » وهي من أغاني فيلم شاطئ الغرام.. وكانت ليلى مراد معبودة شباب ذاك الزمان الذين اكتهلوا جدا الآن، ولكنهم لا يزالون يذكرونها كلما هاجت الشجون.. فضل الله زنقار ? المطرب الراحل فضل الله زنقار كان صاحب موهبة صوتية لا تتكرر.. وهو يؤدي اغنيات الشاعر الملحن «تلودي» بقدرة هائلة لا تبارى..وقد كان زنقار يستطيع ان يغني بصوت هامس تكاد لا تسمعه وفي ذات الوقت يمكن ان يتحكم في ضبط التامبو ويرفع من صوته بدرجات محسوبات.. كان زنقار مطرباً ماهراً في التطريب وتلوين الصوت وهو يغني بصوتين صوته الأصلي وصوته المستعار.. أجمل أغانيه «سوداني الجو وجداني» و«من بف نفسك يالقطار» وهي الأغنية التي اشاعت التغني بالقطار «الشال المحبوب».. فرقة الفنون الشعبية غالباً تكون فرق الفنون الشعبية في أجناس الفن المختلفة، لتحفظ هذه الفنون من الاندثار.. وذلك لأنها تعبر عن الخصوصية الثقافية التي تميز الفن الشعبي وهو ما ليس بالفن ذي المسحة العامة التي تميز أغلبية المجتمع.. إلا تأكيد مثل هذه الفكرة، هي ذات نتائج غير إيجابية فيما يتعلق بتمازج ثقافات المجتمع تلك التي تمثل قطاعات متعددة ومتنوعة.. وذلك لان إنشاء ثقافة قومية تمثل كل طيوف المجتمع يفرض ألا نقيم حواجز بين هذه الثقافات المتعددة والمتنوعة.. ملحنون قدامى وأصوات خبيرة ? هناك ما زالت أصوات قديمة قادرة على الغناء.. صلاح بن البادية.. والطيب عبد الله وصلاح مصطفى وعثمان مصطفى ومحمد ميرغني.. والدليل هذه العودة المجيدة للصوت المخضرم الطيب عبد الله الذي عاد محمولاً على أجنحة أغانيه المشهورة القديمة.. .. إذاً.. ماذا لو أعادت هذه الأصوات القادرة على الغناء معها تلك القدرات التي أبدعت ألحاناً خالدة من أمثال خضر ود الحاوي والطاهر إبراهيم والسني الضوي والماحي سليمان وبشير عباس.. ر بما نستطيع بهذا أن نستعيد عصر الغناء الذهبي!! المتلقي بين خطابين إعلاميين ? المتلقي المعاصر وضعه عصرنا الحديث بين نوعين من الخطاب الإعلامي.. الخطاب الأول هو الخطاب الصحفي الذي يميل للرصانة في اختيار المادة المرسلة للمتلقي حيث يغلب عليه المعيار الأخلاقي في اختيار المادة و إرسالها.. وهو خطاب يتوخى الدقة والمصداقية على الصعيدين التربوي والعلمي.. أما الخطاب الثاني والذي تكثر من استخدامه الفضائيات فهو الميل لتقديم المادة الاستهلاكية التي تتوخى التسلية وتزجيه أوقات الفراغ وجذب المتلقي بكل الطرق الممكنة.. وهذا في النهاية أثر تأثيراً كبيراً على الخطاب التربوي التثقيفي الجاد والملتزم.. إتحاد الكتاب السودانيين وتكريم المبدعين عقب كل مؤتمر عام يقيمه اتحاد الكتاب السودانيين، يقوم الاتحاد أثناء انعقاد هذا المؤتمر بتكريم عدد من الكتاب المبدعين في مختلف مجالات الإبداع فكرياً وجمالياً.. وخلال مؤتمره الذي أقيم في مارس الماضي.. كان قد كرم نفراً من المبدعين منهم الفنان المطرب الدكتور عبد القادر سالم والناقد الدكتور أحمد الصادق والفولكلوري شول دينق، وعدد آخر.. وفي مؤتمره السابق كان المكرمون البارزون هم الدكتور منصور خالد والمسرحي حمدنا الله عبد القادر والأستاذة الصحفية آمال عباس.. والملاحظ على قوائم المكرمين الكثيرين والمتعاقبين خلال هذه الدورات هم من الأقلام التي أسهمت وما زالت تسهم في إثراء الثقافة السودانية.. أزمة المسرح السوداني ? قرأت في إحدى الصحف أن الممثل والمخرج والمسرحي الكبير مكي سنادة اعتزل المسرح ويعمل الآن بائعاً للبرسيم.. لم أندهش للخبر.. لأنني أعرف أن المسرح السوداني منذ مولده وهو يعاني الأزمة.. وهي ليست أزمة عابرة، بل هي أزمة مستدامة ولدت معه يوم مولده الأول.. هي ليست عجزاً فقط في ميزانيات التشغيل.. أو في الإنتاج الإبداعي للنصوص.. أو هي صعوبة عارضة تتعلق بفنون المسرح المختلفة.. الأزمة هي أعمق واشمل هي باختصار أزمة حضارية عميقة.. فنحن لم نصل بعد لتلك الحالة الحضارية من العيش المتحضر.. نحن ما زلنا في حالة البحث عن أولويات الحياة!!.. الخبز والدواء.. ومن ثم لم تنم عندنا تلك التقاليد الثقافية التي تميز الحياة المتحضرة.. كأن نعتاد قضاء المساء والسهرة بإحدى قاعات المسارح.. أن نشاهد كل أنواع العروض.. أن نشاهد الأوبرا والبالية كما يحدث في كل عواصم الدنيا.. القاهرة.. دار الأوبرا.. أو مسرح البولشوني في موسكو أو مسارح بروداوي في نيويورك.. او المولان روج في باريس.. الكاتب بين الأصالة والمعاصرة ? الكاتب موضوع طوال الوقت أمام مواقف، وهي مواقف مستمرة الحركة، حيث تنتجها الحياة اليومية على الدوام.. ولهذا فإن التزام الكاتب وواجبه الفكري والأخلاقي، هو أن يحدد دوره اتجاه ما يحدث يوماً بيوم.. وذلك وفقاً لموقفه المبدئي من الحياة.. وذلك بحسبان أن هذا المبدأ هو حصيلة تجارب وجودية وفكرية.. فهو إذاً يتخذ من التجربة مرجعية في القياس، حينما يقيس الراهن على ضوء الماضي فيؤصل للموقف.. ولكنه في ذات الوقت يجد أن الموقف الراهن يفرض عليه أن يجعل هذا الراهن مفتوحاً على الأفق المعاصر.. وما بين جدلية العلاقة بين الماضي والراهن «الأصالة والمعاصرة» ينتج هذا الكاتب نصاً هو نتيجة هذا الحوار الخلاق.. وعندما يصنع الكاتب خطابه هذا فهو يصنع ذاته في نفس اللحظة التي يصنع فيها قارئه.. فالكاتب إذاً لا يصنع نصاً فقط، بل هو يصنع كاتباً وقارئاً.. ذاتاً وآخر.. وما الكتابة إلا هذا الحوار المستمر بين الأنا والآخر.. شاعر سبعيني يتألق ? الشاعر العجوز الشاب.. محمد نجيب محمد علي، شاعر شديد العذوبة.. ظهر في السبعينيات وقدم ديوانه الأول «ضد الإحباط».. هو من شعراء التفعيلة وان كانت ركائز القصيدة روحاً وجسداً مأخوذة من قصيدة النثر، حيث التركيز والتكثيف والرمز ومطاردة الدوال لمدلولاتها.. إلى جانب ذاك العنصر السردي الدرامي أحياناً.. نجيب ما زال خصباً.. وما زالت سمواته الشعرية تبرق و تمطر.. وشعره في تقدم جمالي مطرد.. وبالقطع أن وجود شعراء لهم هذه الحيوية يدفعون بتيار الشعر السوداني الحديث للاشتعال لان الفن لا تقوى تياراته المبدعة إلا بمثل هذه القدرات الفردية التي تستطيع تحفيز القدرة الإبداعية القومية العامة.. الناقد سامي سالم ? الناقد المجد الراحل سامي سالم.. ظهر في السبعينيات.. وقد صنع سامي قدراته الثقافية والإبداعية بعصاميته التي كانت تحفر الصخر لتستخرج ماء عذباً صافياً.. فكان قلمه يتوهج متابعة للإنتاج وتبنياً لاتجاهات هذا الإنتاج شكلاً ومضموناً. وفي هذا خاض كثيراً من المعارك النقدية.. أهمها معركته تلك في ملف الأدب والفنون بجريدة «الأيام».. وهي معارك حول المنهج النقدي البنيوي.. ورغم حداثة اتجاه سامي النقدي إلا أنه كان يناصر القصيدة العمودية وكان عضواً بارزاً في منتدى الشاعر الكبير الراحل فراج الطيب.. أهمية سامي سالم تأتي في أن صوته النقدي هو صوت خاص جداً حتى انه يكاد يشكل مدرسة كتلك التي شكلها معاوية نور والذي كان سامي يوليه اهتماماً وحباً خاصين.. مذكرات أحمد علي بقادي الأستاذ الصحفي الكبير أحمد علي محمد بقادي كتب مذكراته التي دون فيها سيرة حياته في الصحافة السودانية في الفترة من الميدان «57-75» وهذا هو الجزء الأول.. ويعد الآن الجزء الثاني من المذكرات التي تغطي عمله في الصحافة العالمية في أبو ظبي وقبرص ومجلة الموقف العربي.. وفي أمريكا و العالم العربي وصوت المسلم وصوت العرب.. ومن أهم ملامح هذه الفترة استقلاله التام عن جميع الأحزاب بعد خلافه مع الحزب الشيوعي السوداني..