السودان هو عضو مؤسس لمنظمة الإيقاد ولتجمع الكوميسا .. الأولى هي منظمة أهدافها سياسية وأمنية والثانية أهدافها اقتصادية تكاملية ، في الأولى حقق السودان حل مشكلة حرب الجنوب بتوقيع اتفاقية نيفاشا وفي الثانية حقق السودان مكاسب تجارية بينيه بينه وبين 19 دولة هي كامل عضوية تجمع الكوميسا. حقق تجارة بينية وتعامل مع منطقة تجارة حرة وبالتعرفة الصفرية مع إزالة الحواجز الجمركية هذه هي أهداف التجمع والتي نجح في تحقيقها حتى الآن واستفاد منها السودان.. رغم نجاح الكوميسا إلا أن هناك مشكلات وعراقيل ما زالت قائمة أهمها انعدام طرق النقل البرية بين الدول الأعضاء وخطوط الطيران خاصة بين السودان ومعظم الدول الأعضاء في التجمع وهذه المشكلة هي من أهم المشاكل التي أعاقت استفادة السودان من هذا التجمع استفادة كاملة ومجزية ،هذا إلى جانب مشكلة «الإغراق» السلعي التي عانى منها السوق الداخلي في السودان ومشكلة ارتفاع تكلفة الإنتاج السوداني مما انعكس سلباً على منافسة السلع السودانية في أسواق دول الكوميسا الأخرى.. إن أول مادة بدأت بها تدشين هذا العمود «المنبر الاقتصادي» عام 1998م كانت حول عضوية السودان في الكوميسا وكان آنذاك يدور جدل حول هل يقوم السودان بدفع قيمة عضويته أو اشتراكه السنوي للتجمع أم لا ؟ وهناك من كان يدعو إلى انسحاب السودان و عدم دفع قيمة الاشتراك السنوي لان المشكلات المذكورة أعلاه حدت من درجة الاستفادة من التجمع وكان هناك- ومنهم شخصي الضعيف- من كانوا ينادون بأهمية التجمع المستقبلية للسودان في عالم كله كان يتجه نحو التكتلات الاقتصادية للاستفادة من تعددية الأسواق والسلع والاستثمار وفرصه المتاحة في الدول الأخرى وكانت النتيجة آنذاك أن وافقت وزارة التجارة الخارجية على مضض على المحافظة على عضوية السودان في التجمع واستمر هذا الحال حتى بعد اتفاقية نيفاشا عام 2005م وبداية المرحلة الانتقالية حينها تولى وزارة التجارة الخارجية أحد الوزراء من الجنوب وللحقيقة التاريخية انه دافع كثيراً ليبقى السودان في التجمع رغم الحملة التي عاودت ظهورها مرة أخرى لسحب عضوية السودان من التجمع لعدم الاستفادة القصوى من التجارة مع دول الأعضاء وقد انتهت الحملة إلى نفس النتيجة السابقة وهي الحفاظ على العضوية رغم معارضة بعض رجال الأعمال والمصدرين إلى الدول الأمريكية .. قبل أيام انعقد منتدى مجلس الوزراء لتعظيم الفائدة من تجمع الكوميسا وهو منتدى في اعتقادي في غاية الأهمية الاقتصادية لان إحدى مشاكل السودان الاقتصادية المزمنة هي قلة الصادرات وقلة الإيرادات بالعملة الحرة وان المنتدى إذا نجح في معالجة المشكلات التي تعترض منافسة السلع السودانية مع رصيفاتها الإفريقيات فمن المؤكد أن السودان هو المستفيد الأكبر من الأسواق لقربه منها واعتقد أن المشاركين في المنتدى هم من المستشارين والخبراء الاقتصاديين الذين تغيب عنهم الخارطة العالمية الاقتصادية والتجارية وكيف أن العالم الآن عالم مصالح قومية اقتصادية تقوم على تكتلات إقليمية ودولية الكل يحرص عليها وعلى الاستفادة منها لأقصى الدرجات، ومن هذا المنطلق يجب علينا نحن أهل السودان أن نعرف جيداً أين مصالحنا في هذا البحر المتلاطم الذي تعيش فيه الحيتان الكبيرة فليس من مصلحة السودان أبداً التخلي عن عضويته في هذا التجمع بل يجب إن ننتقل فوراً من الجدل حول العضوية إلى كيف يمكن التغلب على المشكلات لكي ينطلق السودان إفريقياً..